لا يُخفى على أحد أن المسؤول المباشر عن الخطر الوجودي الذي يُحدق بلبنان هو الفريق الذي لم يحترم سيادة الدولة اللبنانية وقرارها الحرّ وأدخلها في الصراعات الإقليمية. الفريق نفسه الذي طوّع بفائض قوته النظام وربطه بالقرار الإيراني من خلال تفاهم شيطاني بين السلاح والفساد الذي جرّد دولة المؤسسات والشرعية والقانون من مفهومها وأدّى إلى سيطرة الدويلة على الدولة ودخول لبنان عتبة تغيير هويته.
وإزالة هذا الخطر تستدعي رصّ الصفوف مع من يرفع شعار "لبنان أولًا" ويعمل للبنان السيادة والحريّة، لبنان الأبدي والسرمدي الذي لا يزول، لبنان الحياد الناشط والرسالة. المرحلة المقبلة مرحلة دقيقة والمواجهة لن تتكلل بالنجاح إلا بالتوحّد حول مشروع الدولة اللبنانية من دون سواها، ضمن خيارات وطنية وأولويات لبنانية بحتة. فالمعركة معركة وجودية، لأن الدولة في خطر.
وقد يكون الحديث عن أن ما من أمل لهذا البلد والمنطقة ما دام محور الممانعة يمسك بالحاضر والمستقبل تحت ذريعة المقاومة، صحيح وينطبق على المنطقة لكنّه لا ينطبق على لبنان. إذ إن الشعب اللبناني مقاوم بالفطرة وقادر على صنع المعجزات بإصراره على الاستمرار في النضال والمقاومة. وصحيح أنه قد داق ذرعاً، إلا أنه لن يستقيل من الحياة ولم يستقل يوماً.
ولا شك أن التخلص من هذا الخطر ليس بسهل لأن الخصم يمتلك قوة فائضة استطاع من خلالها السيطرة على الدولة ومفاصلها، هذا وبالإضافة إلى سلسلة الاغتيالات والتصفيات الجسدية، لكنّ الخطوة الأولى في طريق الخلاص تكمن في التخلص من الطبقة الحاكمة وتحرير الشرعية وإعادة فرض السيادة على كافة الأراضي اللبنانية وذلك عبر صناديق الاقتراع. صحيح أن الانتخابات النيابية ليست عصا سحرية لكنها بداية الحل، والرهان اليوم على الشعب اللبناني ليُترجم انتفاضته على واقعة المرير في الاستحقاق الانتخابي المقبل، ليُنتخب من بعده رئيس جديد للجمهورية. وبالتالي، تجعل حكومة إنقاذ من أولوياتها الحقيقة في انفجار ٤ آب والخطة الإصلاحية للنهوض بالبلد، بالإضافة إلى الذهاب إلى مؤتمر دولي ودعم الحياد الناشط.
لذلك، الجميع مدعو اليوم للتصويت بكثافة في الانتخابات المقبلة لإحداث التغيير وقلب الأكثرية الحاكمة من أجل الخروج من جهنم التي أرادوها لنا. وعليه، يبقى المواطن اللبناني أمام مشروعين لا ثالث لهما؛ إما يختار مشروع الدولة والسيادة والقانون والمؤسسات والجمهورية القوية أو يختار مشروع الدويلة والسلاح غير الشرعي وكواتم الصوت والكبتاغون. ومن هنا ضرورة التخلي عن طريقة التصويت التقليدية وإعطاء الأصوات لمن يستطيع إخراجنا من الوضع الذي نتخبط به، ولمن يستطيع خوض معركة الانقاذ ويتمتع بالخبرة ولمن أثبتت التجارب أنه يمتلك ما يكفي من الصلابة.
أيام معدودة تفصلنا عن بداية طريق الخلاص وتحديد مسار ومصير لبنان. ١٥ أيار هو موعدنا مع الانتفاض على الذات والواقع والخيار بين لبنان الذي أرادوه وفرضه علينا تحالف السلاح والفساد بفائض القوة والاستقواء السياسي ولبنان الذي نحب والصالح لمستقبل أولاده. ميزان القوى الدائم والوحيد هو ميزانكم أنتم. التغيير في أيديكم أنتم "فإن الله لن يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم" ماذا وإلا عبث يحاول البناؤون. لبنان يناديكم فلبوا النداء.