سلطة حوارية مقنّعة
الموقف JUN 24, 2020

ما جدوى وطن من دون استقلال؟ ما جدوى استقلال من دون سيادة؟ وما جدوى حوار من دون التزام؟ أين استقلالنا اليوم في ظلّ تدخل دولة من هنا ودولة من هناك في شؤوننا الداخلية؟ أين سيادة الدولة ومصيرها اليوم في ظلّ سيطرة الميليشيات؟ وأين هم الحكّام لكي يطبّقوا الحوارات والاتفاقات؟

 

لا يمكن للحوار على نطاق الوطن أن يبقى ضمن نطاق الحوار، بل يجب أن يُترجم عمليًّا على الأرض من خلال خطوات تنفيذيّة لهذه التشاورات. فمِن انعقاد حوارَيْ 2 أيلول 2019 و6 أيار 2020، لم تُنفذ أي خطوة لإنقاذ البلد وتجنّبه الانهيار والإفلاس؛ بل ما طُرح ليس سوى خطط وحوارات واجتماعات لا أكثر ولا أقل.

 

خلال انعقاد الجلسة المالية والاقتصادية في 2 أيلول 2019 في قصر بعبدا، اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنّ استقالة حكومة الحريري آنذاك وتشكيل حكومة اختصاصيّين مستقلين، ضرورة ملّحة لطرح حلول لأزمات البلد كلها. لكن لا حياة لمن تنادي. فزاد الجوع والقهر، واندلعت الثورة واستقالت الحكومة تحت ضغط الشعب الغاضب. وشُكِلت حكومة "الاختصاصيين" مزيّفة وملوّنة ومتنكرة بزي التكنوقراط، وتختبئ خلفها أحزاب تحرّكها كما تشاء لتلبّي مطالب أشخاص وميليشيات. كما تتلقى أوامرها وأموالها من "الشرق"؛ وهنا تكمن المشكلة الأساس!

 

لكن ما زالت الحكومة التي هي من لون واحد، تطالب في وقت من الأوقات بالتغيير والإصلاح. أين هو التغيير، وأين هو الإصلاح؟ فلا نيّة صافية لإصلاح حقيقي، بل فساد مستمر وموت سريري. فجور على المنصات وصفقات ملوثة لأغراض سياسية وشخصية تدور في أدراج السلطة.

 

باطلًا يتعب البنّاؤون في ظل 5300 موظف موثق غير قانوني وُظفوا من أجل مصالح شخصيّة-سياسية. باطلًا يتعب البنّاؤون في ظل خطة كهرباء كلّفت الدولة ملياري دولار أميركي تقريبًا. أليس هذا هدرًا؟ باطلًا يتعب البنّاؤون في ظل تهريب متفلت عبر الحدود، فتعب اللبنانيين وأموالهم وأرزاقهم تعبر الحدود من وإلى سوريا "الشقيقة".

 

باطلًا يتعب البنّاؤون في ظل سلطة لا تحترم قوانينها وتعيّن موظفيها عبر المحاصصات وليس الكفاءات. باطلًا يتحاور السياسيون في ظل انعدام رجال حقيقيين في السلطة. ما من تعب يجهدونه للمصلحة العامة.

 

في لقاء أيار، وضّح جعجع معارضة حزب "القوات" لسياسات العهد، وشدّد على واجب الحكومة اتخاد خطوات مسبقة قبل إعداد أي خطط، لأنّ الحكومة الحالية أثبتت عدم اهتمامها سوى ببرامج "البروبغندا" والدعاية، في الوقت الذي يدّعي فيه عبيد الأمس أنهم مخلصو اليوم. لذا لن يشارك حزب "القوّات" في أي حوار طالما كان موضوعه "فنجان قهوة" لا أكثر.

 

كما أظهر "القوات" خلال الأشهر القليلة الماضية، مدى اهتمامه في إصلاح البلاد ووقف الهدر والفساد، كمعالجة ملف الكهرباء مع النائب أنطوان حبشي، وملف المعابر غير الشرعية مع النائب زياد الحواط، واقتراح قوانين في المجلس النيابي تحقق استقلاليّة القضاء وشفافية العمل الإداري.

 

البلد على شفير الهاوية، والشعب فقد الأمل بسلطة لا تدرك أمرًا من التنفيذ والتشريع، وكلامها - وإن كان يصب في خانة الإصلاح- حتّى الآن ما برح حبرًا على ورق. فأشبعت هذه السلطة شعبها الذلّ والقهر، وأصبح يبحث عن لقمة عيشه التي سلبها منه ارتفاع الدولار بشكل خيالي، بينما لا يسدّ الحد الأدنى للأجور حتّى الحاجات الأساسية للفرد. أين هي الدولة اليوم من الإصلاح وملفات الهدر والفساد، ونحن نحمّل هذه السلطة الفاشلة الوضع المذري الذي نعيشه؟ سلطة أطفأت شعلات دخان فسادها في جسم الوطن.

 

الله يرحم أيام الرئيسين كميل شمعون وفؤاد شهاب اللذين كانا ربيّ البيت. أمّا اليوم، فنرى أنّ طالما لا يبني الرب بيته، باطلًا يتعب البنّاؤون.

الموقف JUN 24, 2020
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد