يعيش لبنان أزمة ماليّة واقتصاديّة قد تتحوّل إلى أزمةٍ مستفحلة، إذ تُهدّد كلّ المؤشرات بانهيارٍ مالي واقتصادي. كما يتّجه الاقتصاد اللّبناني في مسارٍ لا يمكن تحملّه، وعليه يجب التّحرك سريعًا وتدارك الوضع قبل الوصول إلى الهاوية والانهيار.
بحسب ما أشارت إليه التّقارير الصّادرة عن البنك الدولي وصندوق النّقد الدولي، سيعاني الاقتصاد اللّبناني تداعيات التّوترات الجيوسياسيّة التي تشكّل عبئًا على النشاط الاقتصادي، وتدنيًّا في مستوى الناتج المحلي الاجمالي بنسبة ١.٨% خلال السّنوات السّبع الأخيرة. كما أنّ نسبة الدين العام إلى النّاتج المحلي الإجمالي تتخطى ١٥٠%، وترتفع هذه النسبة بوتيرةٍ مستمرّة وتُعدّ أعلى ثالث نسبة في العالم.
إضافةً إلى ذلك، بلغ الدين العام في نهاية سنة ٢٠١٨ 85،5 مليار دولار، كما سجّل ارتفاعًا في عجز الموازنة من ٧٪ في العام ٢٠١٧ إلى ١١٪ في العام ٢٠١٨.
انطلاقًا من كلّ هذه المؤشرات، كان لا بدّ من حزب القوّات اللبنانيّة التّحرك ووضع خطة اقتصاديّة وماليّة متكاملة للحدّ من الانهيار المالي والاقتصادي، وتسليمها لكلّ من وزير المال علي حسن خليل، وحاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة.
وفي هذا الإطار، تناولت الخطّة كافة الحلول والإجراءات العمليّة والعلميّة لتخفيض العجز المالي في الموارنة العامّة. فتقدّم الخطّة مشاريع وحلولًا تهدف إلى تخفيض النفقات من جهةٍ، والعمل على تأمين المزيد من الإيرادات من جهةٍ ثانية.
وتعرض هذه الخطّة الوقائع والتّحديّات والتداعيّات التي نتجت عن إقرار سلسلة الرّتب والرواتب التي أُقرّت من دون دراسة لها، إضافةً إلى مستحقات المليارات وضعف النموّ، كما تُسلّط الضوء على آلية تفعيل النموّ وكيفية توزيع نفقات الموازنة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الخطّة تركّز على عدّة بنود أساسيّة، أبرزها العمل على خفض الانفاق بشكلٍ عام من خلال وقف التوظيفات فورًا، وإصلاح أنظمة التقاعد في القطاع العام مع آلية تعويضات نهاية الخدمة، وتخفيض فاتورة الإيجارات التي تدفعها الدولة لاستئجار مراكز لمؤسّساتها، وإقرار الموازنة في وقتها. وبغية تأمين الإيرادات، إقترحت خطّة "القوّات" إشراك مساهمي المصارف في عملية تخفيض العجز، وتناولت كلّ من قطاعي الاتّصالات والكهرباء والحلول لهما. وعند التّحدث عن تأمين الإيرادات، لا بدّ من التّطرق إلى مسألة مكافحة الفساد المستشري، حيث ختمت الخطّة بعدّة قوانين مهمّة طُرحت على كافة الأصعدة، لا سيّما قانون مكافحة الفساد في القطاع العام، والإثراء غير المشروع والتّصريح عن الذّمة الماليّة، ومشروع تعديل قانون الصفقات العمومية، واحترام دور المناقصات والكثير من القوانين الأخرى الجاذبة والأساسيّة اقتصاديًّا.
وهكذا، قُدّمت الخطّة متكاملةً ومفصلّةً وتناولت المشاكل وطرحت الحلول. ولكن يبقى السّؤال: إلى أيّ مدى سيتعاون الفرقاء وستتكاتف الأيدي مع كافة الأطراف للنهوض بالاقتصاد قبل انهياره على الجميع؟