قوات واحدة حيثما حلّت
الموقف AUG 21, 2017

للوهلة الأولى، يخيّل للبعض، عند قراءة الأخبار المتداولة محلياً عن حزب القوات اللبنانية ورئيسها الدكتور سمير جعجع، أنه حزب جديد وُلد نتيجة ظروف معينة أدّت إلى نشأته، وها هو اليوم يراوغ للبقاء حيث هو في السلطة، محاولاً الإستحصال على المزيد منها. و قد يخيّل للبعض الآخر، أننا حزب هامشيّ، يرضى بما تتركه له القوى الكبرى، فينقضّ على فُتات الحكم ليحفظ لنفسه مركزاً. وليس بالبعيد، أن يكون هذا البعض أيضاً، يحسب أن حزب القوات اللبنانية دخل في رهان خاسر وهو اليوم يحاول الحفاظ على بضعة معنوياة في ظل سيطرة حزب الله على البلاد. 


لا، ليس صحيحاً أننا راضخون، أو أن لحزب الله حكم مطلق ونهائي يستطيع التحكم بما شاء. هنا لبنان، وطننا، أرزتنا، نحن حرّاسه، نحن الساهرون عليه، ونحن من خطّينا لأنفسنا شهادة تاريخية، إننا أسياد أحرار، لنا ثوابتنا ومبادئنا لا تتبدّل.


نعيش اليوم، عهد حكم جديد في الدولة اللبنانية، كانت القوات اللبنانية قد حاكته وعبّدت له طريقه من معراب إلى بعبدا فبيروت. لماذا اليوم؟ لماذا لم تدخل القوات اللبنانية إلى الحكم يوم دُعي رئيسها شخصياً إلى الحكومة؟ لماذا فضل سمير جعجع زنزانة على مكتب وزاري؟ 


هو القائل: وزارة في الذلّ لا نرضى بها، نظارة في العزّ أفضل منزل. قالها ودخل مصيراً غامضاً، لعبةً كانت جديدة عليه وعلى القوات. أوليست اليوم الحال نفسها ؟ لكن الفرق أن اليوم نحن أسياد وزاراتنا، وزارات في العزّ لا في الذلّ، وإنجازات وزراء القوات اللبنانية خير دليل على ذلك. هي الحال نفسها لأن الرهان كبير، كما كان في المعتقل. هي لعبة جديدة، لن نعتد دخولها من الباب العريض. لكن كما كان لنا الإنتصار النهائي في كلّ رهان خضناه، هكذا اليوم، سنخرج منتصرين من معترك التجاذب المحلّي في الحكم. 


صحيحٌ أن ما نسمعه مشحون بالسواد، حتى أننا قد نظن أنفسنا نعيش حكم حزب الله. لكن البروباغندا، مهما كانت قويّة، ومهما كانت مقنعة، ستظلّ دوماً مختلفة عن الواقع. فالواقع كما هو مرسوم اليوم، أن في الحكومة منارة سيادية أضائتها القوات، وتحافظ عليها وتخلق توازناً بين حبال الفريقين. فمن دونها، لكان فريق حزب الله قد جرّنا إلى ما هو أسوء بكثير، ومعها، نرى اليوم حبالنا تشتدّ، ونرى أنفسنا أقرب إلى الدولة اللبنانية. 


رفضنا التنسيق مع النظام السوري في ما يختص بموضوع النازحين السوريين. وكانت لنا المؤتمرات والندوات، كان لنا الرفض موقفاً نهائيا قاطعاً. لم نقبل أن نعطِ للنظام الإرهابي شرعية ولو وهميّة. وما لبث ان رفضت الحكومة اللبنانية التنسيق مع النظام السوري، فكانت جولة سجّلناها لمصلحة السيادة اللبنانية.


ثم أتت معركة عرسال لتخلق المزيد من البروبغندا. فكان للقوات الموقف الواضح، معارك حزب الله لا تمثّل إرادة الدولة اللبنانية، وهو خارج عنها، ولا يكون للجيش اللبناني تنسيق مع المحور النظامي السوري، أي محور بشار الأسد. وهكذا كان، ولم يتمّ أي تنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري.


واليوم، نرى بعض الوزراء، يزحفون نحو سوريا، للتعبّد لزعيم إرهابيّ، يجدّدون "الفرمان"، يأخذوا الرضا. ظنّ النظام السوري أنه بذلك سجّل انتصارا، ولبنان ما زال تابعاً لحكمه، وفياً لجزمته. كيف لا وعشاق الجزمة يتزاحمون لتقبيلها. لكن في لبنان عشاق للكرامة، ووزراء وحكام تجرّؤوا، مدفوعين بجرأة القوات اللبنانية كما دوماّ، وأعلنوا أن كل من قصد النظام السوري فقد قصده بصفة شخصية، وبذلك لا يمثلون الدولة اللبنانية بشيئ.


إنها الدولة اللتي بناها النظام السوري لمدة خمسة عشرة سنة. إنها الدولة اللتي حلم الأسد بإنهائها وضمّها ولاية له. هي اليوم تنفض عنها غبار وأوساخ الرجعية والموالاة للإحتلال. واليوم، من وقف منذ سنوات ليشكر سوريا، إمّا هو يغرق بدمائه هناك، أو يزحف ليربط مصيره بمصير نظام ساقط، إلى الموت لا محالة. دعوهمم يركضوا إلى قصر المهاجرين، فليذهبوا متى شاؤوا وليدعونا بسلام. والأسد على لسان من حوله، ما زال قلق منزعج، كما كان أبيه، يغتاظ من سمير جعجع والقوات اللبنانية، ومعهم اليوم الحلفاء. 


إذا، مهما تحوّلت الأزمان، واختلفت العناوين والمراحل، نبقى نحن، كما دوماً على ثوابتنا، لا نتغيّر. وهم، لربّما اليوم باقون، لكن لا أحد يعلم متى تأتي الساعة. فلا يخطئنّ أحد الحساب.

الموقف AUG 21, 2017
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد