يمرّ لبنان بأزمة معيشية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، وتعتبر من أكثر الأزمات تعقيداً وصعوبة في تاريخه المعاصر. بالفعل، تخطّت صعوبة هذه المرحلة بأشواط أيام الحرب التي شهدها البلد، حيث سيّطرت في تلك الحقبة خطوط التماس، أما اليوم فطالت الخطوط جميع اللبنانيين من دون استثناء. كما تتطلّب هذه الأوضاع الراهنة أبطالاً في صفوف المعنيّين للانتصار على الأزمات المتفاقمة، من شحّ معظم الأدوية في الصيدليات وصولاً إلى انقطاع المحروقات في المحطات.
وفي هذا الإطار، أطلّ هذا الأسبوع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، على اللبنانيين طارحاً ملفَيْن أساسيين؛ إذ حمل الملف الأول موضوع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وحكومته، مشيراً إلى أن لا خصومة سياسية ولا عداوة سابقة بين "القوات" ودياب، لكنّ الأزمة تستوجب قول كلمة حق، معتبراً أن تصرفات هذه الحكومة غير منطقية إذ لا تعمل حتى على تصريف الأعمال. وأضاف جعجع أن الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال، ما يعني ضرورة مواكبة الصعوبات التي يمر بها الشعب اللبناني، كالطوابير اليومية على محطات البنزين وانقطاع الأدوية البسيطة من الصيدليات. وعليه، أصبحت الحكومة "حكومة تصريف الشعب اللبناني".
وقد اعتبر جعجع أن من الأجدى رفع الدعم عمليًا ليدرك اللبناني كيفية تدبير أموره، بدلًا من ضياع الوقت للتفكير بإبقائه أو رفعه، علمًا أن الأموال استُنزفت في مصرف لبنان ومعظمها صُرفت على دعم البضائع التي كانت تهرّب، ومل زالت، إلى سوريا وكبار التجار. كما تطرق في كلمته إلى ملف آخر متناولاً عدة نقاط أثارها أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله في خطابه الأخير، منتقداً تباكي نصرالله على الأوضاع الحالية وكأنه، مثل باقي المواطنين، يقف على طوابير محطات البنزين أو الصيدليات أو الأفران حائراً ومنتظرًا دوره.
وفيما يتعلّق بعدم تأليف الحكومة، لفت إلى أن المعنيين بتأليفها جميعهم أتباعاً لحزب الله وأن الحكومة الحالية شكّلها "الحزب" ولم يشارك أحد سواه في تشكيلها، بالإضافة إلى أنهم عطّلوا البلد سنتين ونصف سنة للإتيان برئيس الجمهورية الحالي التابع لهم، مؤكداً أن نصرالله وحلفاءه كانوا ولا يزالون الأكثرية الحاكمة. وقال جعجع: "أهم شيء بالنسبة للحزب هو أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وليس مصير الشعب اللبناني، ولا يبالون إذا مات هذا الشعب أم عاش بل همهم في المعركة التي لا علاقة للبنان واللبنانيين بها".
أخيراً، أكّد جعجع أن حزب الله سيشتري بواخر الوقود من إيران وسيقدمها إلى ميناء بيروت و"لتمنع الدولة إدخال البنزين والمازوت إلى الشعب اللبناني" وكأن الدولة ليست معه؛ فهو يريد استيراد البنزين من إيران كي تُكفي نفسها محلياً، من دون التفكير في التداعيات التي ستطال الشركات الخاصة في حال إفراغ المحروقات داخل خزاناتها جراء العقوبات المفروضة على إيران. وأضاف أن الأخطر يكمن في إفراغها في خزانات الدولة، عندها ستقع الدولة اللبنانيّة بحظر كبير ولن نتمكن بعدها من استيراد أبسط الأمور لأن كافة المصارف المراسلة ستتوقف عن التعامل معنا ومع مصارفنا. ختم قائلاً: "علينا الصمود في هذه الرحلة لمواجهة الأزمات. كل ما هو موجود هو فساد وفشل وإهمال ومصالح ضيقة وعدم الكفاءة".
مصير لبنان واللبنانيين أصبح بخطر. فهل يصمد الشعب سنة كاملة لتغيير الطبقة الحاكمة؟ أم أن طرح الانتخابات النيابية المبكرة كان ويبقى خشبة خلاص الوطن؟