ذكرى اندلاع الحرب اللبنانية
الموقف APR 14, 2022

لا يغفل عن أحد أنّ لحادثة بوسطة عين الرمانة الدافع الأبرز والمباشر لاندلاع الحرب اللّبنانية عام ١٩٧٥ التي انتهت بعد ١٥ سنة مع توقيع اتفاق الطائف. وفي حين كانت بدايات الحرب تقوم على مواجهة بين منظمة التحرير الفلسطينية من جهة واللّبنانيين السّياديين أي "جبهة الحرية والإنسان" التي أصبحت لاحقاً "القوات اللبنانية". من جهة ثانية، اتّخذ الصراع فيما بعد بعداً خارجياً.

‎بالنسبة إلى البعد الخارجي، كما هو الحال في كافة الحروب في العالم، فُتحت شهيّة بعض القوى الخارجية ما أدّى إلى تدخّلها في المسألة اللبنانية، لعلّ أبرزها كلّ من نظام الأسد السّوري والعدو الإسرائيلي. فكان لحافظ الأسد، وورائه حزب البعث السوري، اقتناع بأنّ لبنان ليس سوى جزء من الساحل السوري وبالتالي كان معارضاً شديداً لاتفاقية سايكس-بيكو التي بموجبها أُعطي لبنان حدوده واستقلاله. أمّا بالنسبة إلى الإسرائيلي، فكانت الهجمات العسكرية المنطلقة من الجنوب اللبناني، وتحديداً من منطقة "فتح لاند" التي أنشأت بموجب اتفاقية القاهرة عام ١٩٦٩، من قبل منظمة التحرير الفلسطينية على الأراضي الإسرائيلية تزعج العدوّ الراغب بإنهاء تلك الحالة الشاذة على حدوده الشمالية. لذا تدخّل الفريقان في الحرب اللبنانية، كلّ منهما حسب ما تقتضيه مصلحته الشخصية، واستمرّا باحتلال البلد إلى حين انسحاب الإسرائيلي عام ٢٠٠٠ والسوري عام ٢٠٠٥.

‎من المعلوم اليوم أنّ اللبنانيين، لا سيما الشبّان والشابّات، بعيدين كلّ البعد عن أي صراع أو مواجهة عسكرية بين بعضهم. فالهمّ والتركيز الأوّل والأوحد هو إعادة نهضة البلد من الخراب الذي تكبّدته طيلة الثلاثين السنة الماضية. وقد بات الاهتمام يرتكز على الفساد المستشري في الدولة اللبنانية وحتى في نفوس بعض اللبنانيين، كالتجار المستفيدين من هذا الوضع المتردّي من خلال التلاعب بالأسعار واحتكار بعض السلع وتخزينها، إلى جانب تقاعص الدولة عن أداء واجباتها الوطنية والسيادية عبر حصر قرار السلم والحرب بها وتوحيد السلاح بيد المؤسسة العسكرية الشرعية الوحيدة أي الجيش اللبناني ومنع تدخّلات بعض القوى المحلية في القضايا الإقليمية لا مصلحة للبنان فيها لا من قريب ولا من بعيد.

‎لكن هذا لا يعني بتاتاً نكران تضحيات الذين شاركوا في الحرب للدفاع عن الوطن والرسالة التي بني عليها. فلا يمكن وضع جميع الذين استشهدوا منعاً لتحويل لبنان إلى وطن بديل أو مقاطعة من المقاطعات السورية في خانة مجرمي حرب، وما من أحد يعبّر عن تضحيات هؤلاء الشهداء أكثر من المفكّر الكبير الدكتور شارل مالك بقوله:

‎"إن ننسى أيها السادة لا ننسى،

‎الذين إستشهدوا كي نبقى نحن،

‎أن ننساهم، إنّها الخطيئة المميتة،

‎أن ننساهم يعني نسياننا لأعظم بطولة قد تكون حصلت في تاريخ لبنان،

‎والذي ينسى بطولة كهذه البطولة، يستحق هو ذاته النسيان."

‎المعركة اليوم هي اجتماعية واقتصادية وسياسية، ومن ضمنها مسألة السيادة المنتقصة من قبل حزب الله وسلاحه غير الشرعي. لذا من الضروري خوضها من خلال المؤسسات والاستحقاقات الدستورية فقط لا غير. لذلك، ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المرتقبة في ١٥ أيار، على كلّ لبناني، مغتربًا كان أم مقيمًا، تحمّل مسؤوليّاته الوطنية واختيار المرشّح الذي يراه مناسباً وملائماً لإيصال صوته ومطالبه وتطلّعاته إلى البرلمان اللبناني والفريق الذي يحافظ له على سيادة وكرامة لبنان وشعبه.

الموقف APR 14, 2022
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد