صحيح أنّ العلم نور، لكن لنستطيع إضاءة نور العلم، نحتاج إلى وقود قائم على أدوات وظروف معيّنة، انطلاقًا من الطواقم التعليمية والظروف الاقتصادية والاجتماعية، وصولًا إلى الظروف النفسية التي تلعب دورًا أساسيًا في تحفيز الطالب أو ثنيه عن التقدّم. وإذا بحثنا في ما يقدمه لنا مسؤولو وطننا، نجد أنهم سرقوا، حتى الطاقات البشرية التي هُجّرت أو أُخضعت لظروف أجبرتها على التخلي عن رسالة التعليم.
قد تكون بعض الظروف خارجة عن سيطرة البشر أحيانًا، كجائحة كورونا التي ضربت العالم، إلّا أن دور الحكومات يكمن في الاستعداد الدائم لمواجهة كل المفاجأت. وقد تتوالى المصائب أحيانًا، لتأتي مجموعة من الضربات، توصل أوطانًا إلى أعماق جحيم اقتصادي واجتماعي وصحي وتربوي... فيكون على من فشلوا في قيادة الوطن اختيار أحد الحلول: إما الاستقالة أو التغيير الكامل لنهج العمل الذي اتُبع خلال الفترات الماضية. أما عندنا... فقد اختطف أحدهم قطاع الطاقة وامتصّ دماءه، وراح يطالب كل مرة بفدية لتحريره، وفي كل مرة حصل على فديته، أمعن أكثر في قهقرة القطاع والدولة والشعب. لذا كان على طالبي النور، ابحث عنه في الظلمة، وليس أي ظلمة، إنها 24/24 عتمة.
ظروف قاسية جدًا على أولادنا، طلاب الروضة والصفوف الابتدائية العاجزين على فهم الموضوع، لكنهم يسألون يوميًا عن الأسباب التي أجبرتهم على الدرس برفقة الشمعة، في الصفوف الأعلى، أي التكميلية والثانوية. بدأ الطلاب يفهمون ما يحصل، ويراقبون توتّر أهلهم خلال بحثهم عن مصدر تمويل لتركيب الطاقة الشمسية للتخلص من مشكلة الكهرباء، أمّا طلاب الجامعات، فلا يحسدون على موقفهم وأوضاعهم، اذ انهم بدل التخطيط لمستقبل زاهر، يفكرون كيف سيؤمّنون الكهرباء لمتابعة الصف عن بعد. حتى عندما يؤمّن موّلد الحي الكهرباء، يعيش الطالب حالة توتّر من إمكانية تقنينها في أي لحظة، ما يخلق لديه ظروف نفسية قاتلة. ألا يكفي هؤلاء المساكين ما فعلته بهم الأوبئة حين نقلتهم من صفوفهم ومجتمعاتهم إلى صفوف افتراضية يواجهها كل واحد منهم بمفرده؟ هل بات على اللبناني النزوح نحو المقاهي التي تؤمن الكهرباء والانترنت ليؤمن حضور صفوفه؟
دائمًا يتساءل الناس لماذا يبدع اللبناني خارج وطنه، فيما يبقى فقيرًا ضعيفًا طائفيًا مرتهنًا لبعض الحماة في لبنان. الجواب واضح؛ في الخارج ما من جهة تصادر تواقيع وزارة المالية، وتدمّر العلاقات الخارجية، تزوّر وتضغط في وزارة الداخلية وتطفئ شعبًا في الطاقة... الحرف الذي صدّرته أبجدية جبيل صار علمًا، والعلم نور بشريتنا... طلابنا أينما حلّوا صاروا هم النور الذي أضاء الكون باسم لبنان، فنستحلفكم بالله، نستحلفكم بالنور، نستحلفكم بمن هم مستقبل هذا البلد... لا تطفئوا طلابنا.