قبل أن تتفجّر!
فقدتم ثقتنا وأملنا بأن تحفظوا لنا الوطن، فنرثه منكم سليمًا. انظروا ماذا سترثوننا! هل هذا وطنٌ أم ركام؟ أهكذا تُبنى الأوطان؟ هل هذه هي رسالتكم التربويّة لنا؟ بِعْتم أحلامنا وساومتم بمستقبلنا، وبأيّ ثمن؟ هل أُشبِعت أعينكم الخاوية بالأوراق النقديّة التي اختلستموها؟ هل علت من شأنكم؟ الحقّ أقول لكم، سفينة كنوزكم هذه لن تطفو، بل كلّ ليرةٍ نهبتموها من جيب جائعٍ وكلّ فلس أرملة، سيُثقل سفينتكم لتغرق ولن نقبل سوى بغرقها.
فشلتم في إطعامنا!
فشلتم في كلّ شيء. لم تحفظوا حقّنا بلقمة العيش، حتّى غدت معدة المواطن الخاوية تصرخ لكسرة الخبز. فأرشدونا! إن انصرفنا إلى الزراعة شاطرتمونا أراضينا، وإن طالبنا بوظيفةٍ كرّستم الأولويّة لأزلامكن، وإن سعينا إلى العمل تهدّدوننا بالمضاربة. فهل نأكل من لحم أجسادنا؟ هل تعلمون أنّ بسطة الخضار أصبحت سوق بورصة؟ هل تعلمون أنّ الأهالي "يشحدون" مجمع الحليب لأطفالهم؟
خسئتم في الحفاظ على حقوقنا!
نهبتم الأموال العامة وأكلتم ولم تُطعموا. يكدح المواطن ليلًا ونهارًا، هذا إن وجد عملًا، ثمّ يعود ليلتقي بالفواتير التي أضحت حبيبةً له: فاتورتا الكهرباء الباهظتان، وفاتورتا الهاتف والإنترنت الخياليّتان، وأقساط المدارس والجامعات المهيبة، وتكاليف الأكل المخيفة... و"الحبل عالجرّار".
تعاني شريحة كبيرة من الشّعب اللبناني أمراضًا مزمنة، لأنّ هفواتكم وأنانيّتكم في ملفّي البيئة والصحّة، أردى صحّته وطرحها أرضًا. بحسب البنك الدولي ووزارة الماليّة، يواجه أكثر من ٤٥% من اللبنانيّين الفقر لأنّكم فشلتم في حسبانهم ضمن أجنداتكم، وسلبتم منهم أدنى حقوقهم، ولأنّكم سياسة المحسوبيّات والتوظيف العشوائي والتبعيّة العمياء.
بالطبع لن يتحرّك لكم ساكنٌ، لأنّ الأموال التي تسرقونها من المواطنين "المُعَتّرين"، تكفيكم لتضعوا على مائداتكم أشهى المأكولات وأثمنها. لا تهمّكم الفواتير، لأنّكم إن كنتم تدفعونها ولا تتهرّبون، فهي لا تشكّل قطرةً في بحر أموالكم.
في كواليس ثورة ١٧ تشرين سيُهدّ الهيكل على رؤوسكم أيّها المهرطقون السّاذجون. اعلموا أنّ ثورتنا ليست سياسيّة، بل ثورة الجياع. ثورةٌ لمَن لم يعُد لديه ما يخسره. ثورتنا ثورة بطوننا الفارغة التي حنّت إلى قضمة رغيف؛ هي ثورة ضياع جنى عمرنا. نزلنا الشوارع لأنّ رقابنا وصلت إلى حبل المشنقة، والضرائب قد تُفرض على هوائنا، وذوينا دفعوا الغالي والنّفيس في سبيل تعليمنا. فها هي شهاداتنا معلّقة على حيطان مائلة، لكنّكم احتكرتم حقّنا بالعمل والإنتاج. نحن آمنّا بوطن منذ نعومة أناملنا، وعندما كبرنا ورأيناكم تمتصّون دماءه، ثُرنا.
كراسيكم سئمت منكم، فكفّوا التصاقًا بها. تغيّر وجه وطننا الحبيب بسببكم وبتنا نعيش والذلّ تحت سقفٍ واحد. نعيش من قلّة الموت، لأنّكم "شفطّم" ما بقي من نسيمٍ عليل في دجانا. فممّا تستغربون؟
تحسبون أنّنا مللنا؟ فشرتم!
لن يُسكتنا بلطجيّتكم. حكمتمونا بالذلّ طوال عقودٍ ولم تسأموا، فكيف نملّ وما زالت ثورتنا في ريعان شبابها؟ المعادلة أمامكم واضحة: ثورتنا باقية إلى أن تلتفتوا إلى أحوالنا؛ باقية إلى أن تُعيدوا لنا ما امتدّت عليه أيديكم؛ باقية إلى أن تُعيدوا أموالنا التي جنيناها من عرق جبيننا واحتكرتموها.
لن ننسى أنّ عملتنا انهارت تحت أيديكم. لن ننسى أنّ الإفلاس طاول مؤسّسات لا تُحصى، وأنّ مواطنين عُزّل طُردوا من وظائفهم. لا يعتقدنّ أيٌّ منكم أنّ معارضتكم لمطالبنا ستقمع آمالنا بجمع أشلاء الوطن! اعلموا أنّ انتفاضتنا لن تساوم. الوطن ثمّ الوطن ثمّ الوطن... أمّا أنتم؟ فنحن لا نأبه لشأنكم، ولن نسمح لكم أن تُخنعوننا.
الوباء لن يردعنا!
لا يظنّنّ أحدٌ أنّ الكورونا ستُبطل ثورتنا ولو دخل بيوتنا عنوةً لأنّكم خاضعون ترزحون تحت أقدام الزعماء والطغاة وولائكم للخارج. لازمنا بيوتنا لأنّنا نعلم أين تصبّ مصلحتنا ونعرف أنّكم لم تتركوا فلسًا واحدًا في البلد للتّصدي لأيّ أزمةٍ، ولأنّنا على يقينٍ بأنّ قلوبكم لن ترقّ للمواطن الذي "يتشرحط" على أبواب المستشفيات.
عائدون... وإن حاولتم زرع الذعر فينا!
سياساتكم الترهيبيّة لن تطالنا. ما دام الوضع الاقتصاديّ في أسوأ أحواله، وما دامت الوزارات منهوبة، وما دامت الصفقات سائبة من دون حسيبٍ أو رقيب، وما دامت أموالنا متبخّرة، وما دامت فواتيرنا باهظة... سنعود!
سنعود لنفرض عليكم انتخابات نيابيّة مبكرة يا "خدام الوطن"، لنأتي بنوّابٍ غير انتهازيّين يحفظون أمانة لبنان. سنعود لنأتي بحكومة إنقاذٍ تكنوقراط نؤمن بها، عوضًا عن حكومة جُبنٍ ورضوخ وتبعيّة. سنعود لأنّنا أسياد القرار وأنتم موظفون لخدمتنا. ما دمتم تعزفون على المنوال ذاته لا يتوقعنّ أحدكم أنّنا سنسكت عن حقوقنا؛ بل اعلموا أنّنا نختبر أداءكم في ظلّ هذا الوضع الحرج.
إقرأ أيضاً: شبح "البوسطة" بعده مرافقنا؟
وعد الغد!
سنطيح بكم إن لم تعيدوا لنا الوطن ومؤسّساته. سنطيح بكم إن لم نرَ ازدهارًا، وإن لم تعملوا على إيقاع الإصلاح والإنقاذ. وبعد، سنطيح بكم إن لم تَقلعوا عنكم رداءكم الملطّخ بقذارة الرضوخ السّياسي والتبعيّة. اعملوا من أجل الوطن، ليس من أجل السّاسة. اعملوا من أجل المواطن، ليس من أجل جيوبكم. اعملوا واكدحوا لعلّكم تستعيدون ثقتنا؛ وإن لم تستعيدوها، فأنتم تخطّون درب هلاككم بأيديكم.
ثورتنا سلميّة... فحذار!
ما زلنا نؤمن بأنّ ثورتنا سلميّة، ونودّها أن تبقى. إلّا أنّنا لسنا بالمنأى عن تصعيداتٍ خطيرة، قد تؤول الأمور إلى المجهول. جُلّ ما نبغيه هو أن تنظروا إلى أحوالنا، وتنصفوا شعبًا "معتّرًا" لم يعد بيده أيّ حلٍّ، سوى الانتفاض على واقعه المرير. أنصتوا لصرخة شعبكم، ومن مواقعكم المسؤولة قودوا سفينة الوطن إلى برّ الأمان. وحذاري من ثورة الجياع.
إقرأ أيضاً: للثّورة حرّاس...