لا شك أن مع انضمام بعض الأفرقاء إلى المحور الإيراني وتغليب المصلحة الخارجية على المصلحة اللبنانية وسط انعدام الوطنية، وُضع لبنان في عزلة عربية ودولية ساهمت في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، الأمر الذي دفع باللبنانيين عموماً والشباب خصوصاً إلى الهجرة بحثاً عن مستقبل بعيد عن وطن فقد كل مقومات العيش الكريم. منذ القدم ولبنان يصدّر الأدمغة إلى دول العالم بسبب غياب الفرص المتاحة للبنانيين، لتطوير الذات وبناء مستقبل يليق بقدراتهم. فقد بات مصيرهم الهجرة والسعي إلى تحقيق أحلامهم في الخارج، وبالتالي، أصبح لبنان الخاسر الأكبر، إذ يُحرم من هذه القدرات لحساب الدول الأخرى.
صحيح أن لبنان يعيش مرحلة صعبة ومأساوية لم يعشها من قبل، حتى في أحلك ظروف الحرب، وصحيح أن مقومات الصمود ضئيلة وشبه معدومة، لكن من واجبنا المواجهة وعدم التخلي عن لبنان. فظروف اليوم تسري بعكس مسار التاريخ الطبيعي ولا بد من أن تتغيّر. لذا نحن بحاجة التكاتف للمحافظة على أرضنا والتغلّب على هذه الظروف فاللبناني لم يعرف يوماً الخضوع والاستسلام.
وعلى الرغم من كل الروابط الوطنية والإصرار على عدم الانفصال عن الوطن، إلا أن الظروف القاسية يمكنها أن تكون الأقوى وتُجبر اللبنانيين على الانسلاخ عن الوطن الذي ترعرعوا فيه. لكن مهما ازدادت المسافات وتعددت اللغات واختلفت الثقافات، يبقى الوطن هو الأهم، ومن باب واجبهم الوطني العمل على مساعدة أهلهم وأبناء وطنهم.
مشكلة لبنان الأساسية تكمن في الفريق الذي بامتلاكه الأكثرية النيابية، استطاع التحكم بالدولة وأوصل البلد إلى ما وصل إليه اليوم. ومن هنا، لا بد من إحداث التغيير لأن الوضع لم يعد يحتمل. وللمغتربين والمنتشرين في كل بقع العالم دور أساسي وجوهري في هذا التغيير من خلال الاقتراع والإدلاء بأصواتهم.