أبدت مصادر «القوات اللبنانية» في حديث لصحيفة «الحياة» ارتياحها للخلوة الثنائية التي عقدت، على هامش الاستشارات النيابيّة الملزمة، بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والتي دامت نحو 15 دقيقة ليخرج جعجع بعدها ويقترح وجوب أن «نتعامل مع الثنائي المسيحي بالطريقة عينها التي يتم التعامل بها مع الثنائيّ الشيعيّ خلال تأليف الحكومة كما علينا أن ننظر إلى الكتل بمعناها الفعلي».
وإذا كان اللقاء مع الرئيس عون جيِّداً بحسب ما وصفته مصادر «القوات» لـ «الحياة»، فإن الدعوات القواتية «لعدم جواز استخدام حجة تسريع عملية التأليف الحكومي لوضع القوات أمام شروط قد لا تتلاءم وحجمها النيابي الجديد ما زالت تنشط».
وأكد النائب إدي أبي اللمع لصحيفة «الحياة» أن «لا مشكلة مع الرئيس عون ونحن نحترم موقعه لكن كل ما يقوله الوزير جبران باسيل يعنيه»، مشدداً على أن «اجتماع رئيس حزب القوات سمير جعجع بالرئيس عون كان جيداً».
على صعيد متصل، أعربت أوساط حزب “القوات اللبنانية” عن قلقها مما اعتبرته حملة ممنهجة ضدها يقودها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لتحجيم إنجازها الانتخابي وعرقلة حصول الحزب على حصة وازنة في الحكومة المقبلة تتناسب مع ما حققه في الاستحقاق النيابي الذي جرى في 6 أيار الجاري.
وتشير الأوساط إلى أن باسيل يعول في ذلك على علاقته مع “حزب الله” وانفتاحه على “تيار المستقبل”، وقد بدت واضحة رغبته في فتح صفحة جديدة مع زعيم “حركة أمل” نبيه بري الذي سبق وأن وصفه خلال الحملة الانتخابية بـ”البلطجي”، كل ذلك يهدف أساسا إلى محاصرة “القوات” سياسيا.
وشهدت الفترة الأخيرة محاولات من قبل رئيس “التيار الوطني الحر” للتقارب من نبيه بري ترجمتها جملة من المواقف كان من بينها إعطاء نواب تكتل “لبنان القوي” حرية الاختيار في التصويت لصالح زعيم “أمل” في انتخابات رئاسة البرلمان التي فاز بها الأخير بـ98 صوتا مقابل 29 صوّتوا بالورقة البيضاء وبينهم حزب “القوات اللبنانية”، الذي أوضح أن قراره لا يستهدف بري في شخصه.
وذكرت مصادر أن عشرين من أصل 29 نائبا من تكتل “لبنان القوي” صوّتوا لفائدة نبيه بري مرجحة أن جبران باسيل أحدهم.
وأبدت أوساط في “التيار الوطني الحر” في السابق موقفا معارضا للتصويت لفائدة بري في رئاسة البرلمان، كردّ على موقفه من انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون، بيد أن الوضع، وفق مراقبين اختلف فباسيل يريد اليوم ترميم العلاقة مع زعيم “حركة أمل” -الحليف الاستراتيجي والثابت لـ”حزب الله”- لدعمه أو على الأقل إبقائه على الحياد في معركة الحصة المسيحية من الحقائب الوزارية.
وقبل أيام صنّف جبران باسيل رئيس “حركة أمل” ضمن خانة “الرؤساء الأقوياء” في تصريح أثار جدلا لجهة أن الأخير وخلال الحملة الانتخابية كسر كل قواعد اللياقة الدبلوماسية في هجومه على بري حين وصفه بالبلطجي و”بـ(أب) الفساد”.
وكان باسيل قد أرسل عقب إعلان نتائج الانتخابات وفدا نيابيا ترأسه إبراهيم كنعان للقاء نبيه بري لاحتواء تداعيات تصريحاته في الحملة الانتخابية وكسر الجليد بينهما.
وتقول الأوساط “القواتية” إن كل تحركات جبران باسيل في الفترة الأخيرة وبينها مغازلته لبري تصبّ في سياق مساعيه لضرب حزبها وتقزيمه في الحكومة المقبلة ولم لا حتى التفكير في استبعاده مع أن ذلك غير ممكن لجهة حرص الرؤساء الثلاثة على إشراك الجميع، لضمان انطلاقة قوية للعهد الجديد، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تتربص بلبنان.
وتلفت هذه الأوساط إلى أن الزيارة التي قام بها سمير جعجع مؤخرا إلى قصر بعبدا مع وفد من تكتل “الجمهورية القوية” ولقائه برئيس الجمهورية ميشال عون، كانت الغاية منها التأكيد على دعمه للعهد ورغبته في الحفاظ على اتفاق معراب لكن شريطة وضع حد للمنطق الإقصائي الذي ينتهجه صهره جبران باسيل ضد “القوات”، وتمكينها من حصة وازنة تتضمن حقيبة سيادية.