القضاء وحده ينقذ الوطن
مساحة حرة JUN 15, 2020

على الرغم ممّا تنصّ عليه المادة 20 من الدستور اللبناني، والتي تشير بوضوح إلى استقلالية القضاة في إجراء وظائفهم، وعلى الرغم من التعديل الذي أتاح لمجلس القضاء الأعلى أن يتجاوز وزير العدل إذا صوّت بأكثريّة سبعة أعضاء من أصل عشرة، إلّا أنّ الاستقلال الحقيقي لا يزال بعيدًا ويتراجع يوميًا لأنّ القوانين الأساسية لا تتطرق إلى هذه الاستقلاليّة.

 

ألم نلاحظ بعد أنّ سبب التراجع في هذا الملف يكمن في تدخل السلطة الحاكمة في هذا القضاء الذي أصبح مسيساً؟ هل من حلّ لتعزيز هذه الاستقلالية؟

 

في هذا الإطار، أكّد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص أنّ "النص الدستوري يكرّس استقلالية القضاء كسلطة من السلطات الثلاث. وهنا تكمن المشكلة الأساسية، لأنّ القضاء يعاني التدخل السياسي في كل عمل يقوم به لاسيّما في القضاء الجزائي وقضاء النيابة العامة. كما يعاني الطائفية، أي احتساب بعض المراكز على أساس الطوائف المختلفة ممّا لا يمنح القضاء فرصة الاستفادة من كفاءات في مراكز معيّنة من طوائف أخرى". كما لفت عقيص الانتباه إلى "الوضع المعيشي السيّئ للقضاة الذي بدأ بالتحسّن في السنوات الماضية، لكنّه تدهور اليوم فتراجعت رواتب القضاة نتيجة تدهور سعر صرف العملة اللبنانية".

 

لذلك قدّمت مجموعة من النواب اقتراح قانون يرمي إلى تعديل القضاء العدلي، وأشار عقيص إلى "عدّة نقاط مطروحة لتعزيز استقلاليّة القضاء، منها ما يجعل من مجلس القضاء الأعلى سلطة منتخبة من القضاة أنفسهم، ومنها ما يعدّل أسلوب عمل التفتيش القضائي، ممّا يؤدي إلى زيادة الرقابة الذاتية على أعمالهم وعدم تحوّل سلطتهم المستقلة إلى ديكتاتورية القضاة، بالإضافة إلى إعادة النظر في الضمانات المعطاة للقضاة كحق تأسيس الأندية والجمعيات المهنيّة لتمكنهم من مناقشة أمورهم الداخلية وكيفية تطوير أساليب عملهم، وإعادة النظر في عمل معهد الدروس القضائية كأهم المرافق القضائية التي من خلالها يُدرّب القضاة ويتأهلون ويزودون بالمناقبية والخبرة العلمية".

 

وأضاف عقيص أنّ "التعيينات ليست مجرد مدخل للإصلاح، بل هي إشارة معطاة للرأي العام والمجتمعين المحلي والدولي"، لافتًا إلى أنّ "السلطة السياسيّة تبتعد عن القضاء وتعطيه هامشًا من الحرية في اختيار القضاة أنفسهم في التشكيلات وتأكيد الثقة اللفظية برئيس مجلس القضاء الحالي الذي يُجمع الأفرقاء السياسيين على الإشادة بمناقبيته وهو يتمتّع بصدقية لدى القضاة أنفسهم. لكن الإشارة المعطاة الآن هي عرقلة أوّل التشكيلات التي ما زالت خاضعة للتجاذبات لأسباب سياسيّة بحتة".

 

ومن جهة أخرى، أكّد رئيس جهاز التنشئة السياسيّة في حزب القوات اللبنانية، المحامي شربل عيد، "وجود ثغرة أساسيّة في القضاء اللبناني تضّم كلّ الثغرات، وتسمح للقضاء بلعب دور خجول في مكافحة الفساد عند ترفيع القاضي أو ترقيته المرتبطة بيد السلطة السياسيّة الممثلة بوزيرة العدل. أمّا باقي الثغرات فتقع على صعيد الممارسة كالمحسوبيّات التي تتحكم بامتحانات الدخول أو توظيف أشخاص غير أكفاء".

 

وإجابةً عن سؤال حول تغريدة نشرها عن موضوع عرقلة صدور مرسوم التشكيلات القضائيّة، رأى عيد أنّ "هدف تلك العرقلة متعلق بالحصة السياسية للتشكيلات لتمرير صفقات وأعمال تحت عباءة القانون"، مشيرًا إلى أنّ "في ظل معركة الفساد، ينبغي على القضاء مكافحته ومواجهته. لذلك تقدمنا مع كتل أخرى باقتراح لتعديل القضاء العدلي الحالي".

 

وختم عيد قائلًا "قد يقوم القضاء بالإصلاح المطلوب إذا أصبح نزيهًا وعادلًا وغير مرتبط بالسياسة. فتُعتبر منظومة القوانين جيّدة جدًّا، وعندما سيتّجه القضاء إلى تحقيق استقلاليته، سينجز المرفق القضائي مهامه كونه غير مرتهن لسلطة سياسيّة أنجبته".

مساحة حرة JUN 15, 2020
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد