التمدّد الإيراني... برسم الزوال
الموقف JAN 10, 2022

في جولة سريعة على دول المنطقة، يتضح لنا، وبخلاف ما يحاول البعض تصويره أن الخلاف الجوهري يكمن في النزاع الدائم بين مشروعين سياسيين متناقضين: الأول يهدف إلى ترسيخ مفهوم دولة القانون والمؤسسات، يقوم على تثبيت السيادة ويؤمن بالإنسان ويسعى إلى الحفاظ على أمنه واستقراره وعيشه الكريم. أما المشروع الثاني، أي النقيض المطلق للدولة، فهو مبنيّ على الفوضى وعدم الاستقرار، وفلسفته التخريب والموت وهدفه الأول والأساسي هو التغلغل في أركان الدول في محاولة لتجريدها من مفهومها والسيطرة على مفاصلها وضرب السيادة بعرض الحائط.

ولا شك أن تمدد المشروع الثاني أسفر عن أهوال ومآس وكوارث، لا سيما في سوريا والعراق واليمن ولبنان على حد سواء. وبعد التخلص من الوصاية السورية مع خروج الجيش السوري، برزت إيران بجهوزية تامة لاستكمال النهج التخريبي والمدمّر للدولة والمؤسسات في محاولة لجعل من لبنان ورقة تفاوض على طاولة الاتفاق النووي وتحويله إلى عاصمة تابعة لولاية الفقيه، كما نصّبت الأدبيات الأولى للتنظيم الإيراني في لبنان من خلال حزب الله. مشروع تموّله تجارة الممنوعات طوّع النظام وربطه بالقرار الإيراني عبر اعتماد سياسة "كاتم الصوت" تجسدت في سلسلة اغتيالات مند ٢٠٠٥ وحتى اليوم. هذا وبالإضافة إلى التهديدات الأمنية المتواصلة عبر سلاح الداخل غير الشرعي التي سقطت عنه صفة سلاح المقاومة وأصبح وجوده مرتبط بحماية مصالح إيران في لبنان والمنطقة.

أينما حلّت إيران ومشروعها حلّ الخراب. ومن هنا، ضرورة التخلّص من هذا المشروع ومواجهته بالجملة من خلال مواجهة شاملة في كل الدول التي استطاع هذا المشروع دخولها. وتستدعي هذه المواجهة تعزيز مقوّمات الصمود وقيادة مشتركة وتنسيق ورؤية استراتيجية موّحدة، لأن الخطر يداهم لبنان والمنطقة برمتها، وكلما هُزم هذا المشروع في مكان، ضاقت الحلقات حول عنقه وازداد الحصار عليه وضعف دوره في أمكان أخرى. وبالتالي، لا خيار سوى مواجهة هذا النهج التخريبي القائم على تدمير الدول والمجتمعات من أجل تحقيق السلام والاستقرار والازدهار لأنه لا يمكن التعايش معه في أي شكل من الأشكال.

والجديد بالذكر أن هذا المشروع يعيش في مأزق في دول المنطقة بشكل عام ولبنان بشكل خاص، لأن ملامحه أصبحت واضحة أمام الرأي العام وقد اتضحت أهدافه: مشروع تدميريّ، نقيض مطلق للتطوّر وقائم على ثقافة الموت. وصحيح أن هذا المشروع استطاع دخول العديد من الدول وترسيخ نهجه فيها، إلا أنه لم يتمكن من الانتصار في أي مكان، وجُلّ ما قدمه نموذج الخراب والفشل والقتل. فبعدما سقط حاجز الخوف، بات الناس يواجهون قوة هذا المشروع المستمدة من آلة القتل باللحم الحي والصدور العارية وسلاح الموقف والكلمة الحرة.

على أي حال، وعلى الرغم من خصوصية هذا المشروع وصياغته، إلا أن مواجهته تستدعي اقتلاع رأس الأفعى من المنطقة ووقف انتشار سمومها القاتلة. إذ سينتصر مشروع الحياة حتماً على مشروع الموت، ومعركة التخلّص منه أصبحت في مراحلها الأخيرة ولم يبقَ سوى بعض الفصول التي تتطلب العزم والإصرار ووحدة الصفّ والموقف على صعيد المنطقة بأكملها. قد دقت الساعة وحان الوقت لطوي صفحة من التاريخ سطّرت عناوينها تجربة أليمة ومريرة أعادت شعوب المنطقة إلى عصور التخلف وأدخلتها في نفق الفشل المظلم. آن للبنان والدول التي ترزح تحت نير محور الموت أن ينعموا بالسلام والأمن والاستقرار

الموقف JAN 10, 2022
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد