نقلاً عن نشرة "آفاق الشباب" العدد 78:
من خضم الحياة السياسية والقواتية تحديداً انطلق ليكون مرشح المقعد الماروني عن دائرة الشمال الثالثة، في ظل معركة محتدمة، رئاسية الطبع... إنه الأمين العام السابق لحزب «القوات اللبنانية» الدكتور فادي سعد.
إبن البترون، بين يديه برنامج انتخابي للنهوض بالمنطقة. يشدد على برنامج «القوات» السيادي الذي سيحمله في حال وصوله الى البرلمان، ويعتبر أن حظوظ الحفاظ على المقعد القواتي في البترون مرتفعة جداً.
«آفاق الشباب» تعالج مع سعد، في مقابلة خاصة، آخر المستجدات السياسية والبترونية.
العدالة للبشير:
«أهمية صدور الحكم بحق قتلة البشير متعددة الأوجه، إذ أول ما يخطر في بالنا أن الحق لا يموت، والعدالة مهما تأخرت لا بدّ آتية، والشعب المثابر والمتمسك بقضيته لا بدّ من أن يصل إليها مهما طال الزمن. هذه العدالة لا بدّ من أن تطال كل قضايا من اغتيلوا لأسباب سياسية وتثبت وجود أكثر من «حبيب شرتوني».
بهذه الكلمات افتتح سعد مقابلته مع «آفاق الشباب»، مشدداً على أن لصدور الحكم بعد 35 عاماً رمزية فائقة الأهمية.
وتابع: «يظن القتلة أن الذاكرة الجماعية ستسامحهم مع مرور الزمن، في حين أثبتت العدالة للبشير أن العدالة لا تموت بل ستأتي، وإن لم تكن عدالة المحاكم، فعدالة التاريخ، وإن تأخرت الأخيرة لا هروب من عدالة السماء».
وفي شأن شيطنة البشير ورموز «القوات» ودلالة ذلك على أن صفحة الحرب الأهلية لم تطو بعد إلا بالكلام، أشار سعد الى أن «الأثر الأول لأي حرب أهلية هو تنقية الذاكرة، غير أن شعبنا لم ينقّ ذاكرته بعد. وهنا تُطرح علامات استفهام حيال الفترة الممتدة من ما بعد الحرب الأهلية، وهل فعلاً انتهت أم أننا نعيش في مرحلة الهدنة والنار تحت الرماد؟» وأضاف: «إذا أردنا إخماد هذه النار، لا بدّ من مصالحة حقيقية وتنقية ذاكرة تماماً كما تفعل «القوات اللبنانية» مع أخصامها التاريخيين كافة، إذ تنتج المصالحات وتؤكد أن لا عودة الى الحرب الأهلية. علماً أن ذلك لا يمنع منطق الحلفاء والأخصام في السياسة، لكن لن يبقى لنا أعداء».
وشدد على أن قسماً صغيراً، بالعدد وبعين التاريخ، يشيطن رموز «القوات». واعتبر أن الرئيس بشير الجميّل اغتيل بطريقة وحشية وقُتل معه عشرات الأبرياء، والحكم بحق قاتليه أقل الممكن. وأردف: «لن نستسلم قبل اعتقال الشرتوني، ومستمرون ليصل الحكم الى خواتيمه، وعلى العدالة أن تأخذ مجراها، ولن نكتفي فقط بصدور الحكم».
وعن ترميم المحاكمة علاقة «القوات» – «الكتائب» المتأزمة، قال سعد: «لم نختلف لحظة في النظرة الاستراتيجية للبنان وسيادته، والكتائب هو الفريق الأقرب إلينا في الرؤية السياسية. على مستوى الأداء لا نعتمد الطريقة ذاتها، وبرأيي يجب عقد اجتماعات لاعتماد أسلوب غير متناقض في التعامل. لكن على رغم اختلافنا الكبير في الأسلوب، علاقتنا استراتيجية وذات أهمية كبيرة».
في الشق السياسي:
سياسياً، أجرت «آفاق الشباب» مع سعد جولة أفق على المستجدات المحلية، من محاولة التطبيع مع النظام السوري، الى العلاقة «القواتية» – «العونية»، ثم حال «القوات» الراهنة وحقيقة بقائها وحيدة، وإمكان التحالف مع «المردة».
وفي هذا السياق، أكد سعد أن بعض المكونات السياسية لا يستطيع إلا أن يتبع الى أحد. وقال: «عملنا اللي ما بينعمل تفللنا النظام السوري، عم يشدّوا يرجعوا يفوّتوه من الشباك». وتابع: «لو كان هناك من داع للتطبيع مع النظام السوري، لكنّا في الطليعة لتحقيق ذلك، لكن ما المصلحة الوطنية من التطبيع مع نظام هو أساس هروب النازحين الى لبنان، وأساس المشاكل فيه؟ لن نقبل بالتطبيع وعودة النظام والنفوذ السوريين الى الداخل اللبناني».
وأضاف: «لبنان بلدنا ونحن حريصون على حريّته وسيادته واستقلاله. دفعنا دماً ثمن هذه العناوين، ولو ظن البعض أن لديه فائض قوة أذكّره بأن أكبر امبراطوريات العالم سقطت عندما انغرّت بفائض القوة».
ولفت الى أن لبنان بلد تعددي، وينبغي على من يريد العيش فيه احترام المكونات الأخرى مع الحفاظ على هويته وتمايزه. وشدد على أن الجميع فهموا هذا الواقع لأنهم خاضوا مراهقتهم السياسية وتخطّوها، إلا «حزب الله» لا يزال في «عزّ مراهقته»، متمنياً أن تنتهي قريباً لأنها تكلفه وتكلفنا غالياً، ولا بد من أن يبلغ سن الرشد. واستطرد: «إذا كان أسلوب «حزب الله» يخيف البعض في لبنان، فهو حتماً لا يخيف أناساً مثلنا مرّ عليهم من هو أكبر من «حزب الله» ولم يخافوا. مستمرون بنضالنا ومتمسكون بقضيتنا ولا بد من أن يقتنعوا بأن لبنان لا يُبنى إلا بالتعاون».
وفي شأن تحميل «القوات» اللبنانية» مسؤولية أزمة النازحين نتيجة رفضها التطبيع، قال سعد: «مستعدون لتحمل مسؤولية عدم التطبيع مع النظام السوري الذي هجّر النازحين، و 80 في المئة من بين هؤلاء سيرفضون العودة بمجرد قول إننا ننسق مع النظام ليعودوا. من يريد العودة من بينهم الى النظام لا داعي لينتظر التنسيق، بإمكانه العودة».
وفي شأن العلاقة المتوترة مع «التيار الوطني الحر»، أكد سعد أن ما يحصل اليوم ليس مفاجئاً لكثيرين في صفوف «القوات اللبنانية».
وقال: «ما قمنا به، سواء في إعلان النوايا أو في دعم العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، فعلناه لأسباب متعلقة بنظرتنا الاستراتيجية للبنان. كان هناك جرح مسيحي نازف وفي بعض المراحل كان دموياً، وكان لا بد من أن يتمتع أحد بالجرأة لختمه وتنقية الذاكرة. من ناحية أخرى جاء انتخاب عون بعد فراغ دام نحو 3 سنوات وكان علينا إنهاء الفراغ لانتظام الدولة ومؤسساتها. هاتان الخطوتان استراتيجيتان وأدّتا دورهما كما يجب».
ولم ينف سعد الاختلاف في المقاربات بين «القوات» و»التيار» وفي بعض الملفات، وقال: «كل عمرنا منقارب المواضيع بغير طريقة». إلا أن العمل مستمر لتكون العلاقة طبيعية، وحكماً لا عودة الى علاقة ما قبل المصالحة. هناك تواصل دائم ونية ثابتة لدى الطرفين بعدم العودة الى الوراء والسماح للاختلاف بالتحول إلى خلاف. إلا أن لكل منا مقاربته ونهجه وطريقته، وليختر الشعب اللبناني النهج الذي يمثله. هذا أمر ديموقراطي وصحي وسليم».
وعن ارتباط الاختلاف مع «التيار» بعدم حصول «القوات» على رغبتها في التعيينات، أجاب: «اختلافنا و»التيار» لم يكن يوماً خلافاً بسبب تعيينات أو مناصب إنما اختلاف في مقاربة الأمور. نحن حزب جمهوري نريد جمهورية قوية ومؤسسات قوية قائمة، وهناك انعدام ثقة بين المواطنين والدولة وعلينا إعادتها».
وتابع: «نتمتع اليوم بفرصة بعد دعمنا الرئيس القوي، ونريد أن نعمم الاتفاق المسيحي على الأفرقاء كافة، لنبني الدولة. من هنا يأتي عتبنا على أداء البعض. بناء الدولة هو مشروع 14 آذار الأصلي الذي لا يموت مهما تفككت التركيبة».
وطمأن من سمّاهم «الغيارى» بأن «نفسنا طويل جداً، وندرك أن طريقنا الى قضيتنا طويل ومستعدون لخوضه مهما كلفنا الأمر».
وعن اعتبار البعض أن «القوات» هي الخاسر الأكبر بعد ترشيح عون، وعدم سير الأمور داخل الحكومة كما يفترض مما ادى الى إستقالة الحريري، رأى سعد أن لبنان هو الخاسر الأكبر لا القوات. وإذا أصبح لبنان اليوم بلداً نموذجياً وانتهت «القوات»، نحن على أتم الاستعداد لذلك. نحن لا نتعاطى السياسية إلا لمصلحة لبنان، وأصعب شي واحد يكون قوات».
وتابع: «نطالب بالسيادة وأي انتقاص منها هو انتقاص للبنان وليس لنا، ومستمرون بالدفاع عن لبنان للوصول الى السيادة الكاملة والدولة الضامنة لأبنائها جميعاً».
وعن بقاء «القوات» وحيدة في محاربة الفساد وفي تحالفاتها، قال سعد: «صحيح أن القوات تحمل شعلة السيادة إلا أنها ليست وحيدة. في الشق السيادي تقف الى جانبها قوى «14 آذار» التي لم تتخلّ حتى اللحظة عن مشروعها السيادي، وفي ملفات عديدة نلتقي مع أفرقاء آخرين».
وختم الشق السياسي بالقول: «نحن شعب لا نتعب ولا نمل في قضيتنا. ظننتُ أن القوات انتهت يوم اغتيل البشير، إلا أنها استمرت، وتوقعتها انتهت يوم دخل الحكيم السجن غير أنها ظلت قوية صامدة مثابرة من أجل قضيتها، ومهما طال الزمن سنصل الى لبنان الذي نتمناه».
في الشق الإنتخابي:
إنتخابياً، دخلت «آفاق الشباب» الى المعركة البترونية عبر مرشح «القوات» الدكتور فادي سعد الذي كشف برنامجه الانتخابي وحظوظه بالوصول الى البرلمان.
«ثمة رغبة لدى البعض بتجنب الاستحقاق الانتخابي لأنه غير مستعد لتبيان حجمه الحقيقي، إذ ان ثقافة بعض الأفرقاء في لبنان هي ثقافة غير ديموقراطية. الا أن تأجيل الانتخابات غير وارد، وأحد لا يحتمل تبعاته بعد التمديد الثالث. من جهة ثانية، هناك نظرة المجتمع الدولي للبنان ولا مجال لتبرير تأجيل الانتخابات، وأتوقع حصول الانتخابات في موعدها وعدم إرجائها لأي سبب».
وعن البطاقة البيومترية، قال: «الانتخابات في موعدها سواء أُنجزت البطاقة البيومترية أم لا، مع التسجيل المسبق أم من دونه. وهناك غموض يلف البطاقة البيومترية، فبطاقتنا كـ»قوات» بطاقة ذكية تضم كل المعلومات اللازمة، وكلفتها أقل بمئة مرة من الكلفة المطروحة في الدولة. حان الوقت لتكون بطاقة الهوية اللبنانية بيومترية لكن لا يجوز ربطها بإجراء الانتخابات». ووصف حصر إنجاز البطاقة البيومترية بالانتخابات ب»البدعة».
ولفت سعد، الى أن معركة البترون الانتخابية هي من أصعب المعارك نتيجة الثقل السياسي فيها. وقال: «البترون خزّان قواتي تاريخي وحظوظنا عالية فيها، وتضمّ 3 مرشحين أحدهم سيسقط. التوفيق على الله».
وعن وصف التحالف مع «المردة» في الشمال ب»مرّقلي تمرّقلك» في البترون، أكد سعد أن قانون الانتخاب الحالي يُسقط هذه المقولة، لأن الفريق الذي يعتمد هذه الطريقة يلغي ذاته ويجبر على انتخاب لائحة كاملة. وذكر أن «الهدف الأساسي من العلاقة مع «المردة» هو تطبيع العلاقة وطيّ صفحة الماضي»، واستبعد قيام تحالف قبل الانتخابات نتيجة عوامل عدة.
وقسم برنامجه الانتخابي قسمين: الأول برنامج «القوات» الذي سيلتزمه في حال وصوله الى مجلس النواب، والقسم الثاني نظرته الى قضاء البترون وإنماؤه. وشرح أن «من بين الخطوط العريضة تطبيق اللامركزية الإدارية، إذ لا أحد أدرى بشؤون القضاء أكثر من أبنائه، ما يؤمّن الإنماء المتوازن».
وختم سعد: «مشروعنا هو الإنسان الحر الكريم، المحفوظة كرامته».