كتبت رئيسة تحرير نشرة "آفاق الشباب" مستيكا الخوري في "آفاق الشباب" العدد 78:
فعلها الحريري...
عادت الأصوات السيادية تعلو إلى جانب الصوت الصارخ الدائم: «القوات اللبنانية»..
انتفض رئيس الحكومة الشريك السّني المعتدل على محاولات جر لبنان الى تطبيع ممنهج مع محور ميليشيوي يحاول الفتك بكيان لبنان وهدمه..
مرحلة جديدة تلوح في الأفق، وعلى رغم أنها قد تكون صعبة إلا انها أفضل بآلاف المرات من مواصلة مراقبة جر لبنان الى الحضن الإيراني...
طوى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري باستقالته مرحلة سادتها شوائب كثيرة، من محاولات التطبيع مع النظام السوري، الى زيارة وزراء لبنانيين سوريا من دون موافقة الحكومة، ولقاء وزير الخارجية جبران باسيل وزير خارجية النظام الساقط دولياً وليد المعلم، ثم زيارة الديبلوماسي الإيراني علي أكبر ولايتي بيروت وإطلاقه مواقف تطعن السيادة اللبنانية... وغيرها من تجاوزات التسوية التي نصّت على حياد لبنان والنأي بالنفس والتي قامت على أساسها الحكومة.
في هذا السياق، أكدت مصادر قواتية لمجلة «آفاق الشباب»، أن استقالة الحريري أدخلت البلاد في مرحلة سياسية وطنية جديدة، كانت «القوات» أول من حذّر من الوصول إليها ولوّحت بالاستقالة في أكثر من محطة نتيجة أمرين أساسيين: أولاً، البُعد الاستراتيجي المتصل بالخروقات المتكررة لمرتكز أساسي قامت عليه التسوية السياسية هو سياسة النأي بالنفس القائمة على تحييد الملفات الخلافية من أجل الاهتمام بشؤون الناس الحياتية. وثانياً، شؤون الناس التي يجب ان تكون ناصعة البياض وبعيدة من الفساد، تلتزم وتستظل الدستور والقوانين المرعية ومؤسسات الرقابة. وعندما رأت «القوات» الخروقات في هذين البندين لوّحت بالاستقالة.
وأضافت المصادر أن تلويح «القوات» بالاستقالة «لم يأت من فراغ إنما نتيجة ما رأته في المرحلة السابقة، من الصفقة مع «داعش» الى المواقف التي أعطت انطباعاً وكأن لبنان الرسمي يتماهى مع «حزب الله»، مروراً بمحاولات الأخير التطبيع مع سوريا، وصولاً الى تعيين السفير اللبناني سعد زخيا في دمشق وتقديم أوراق اعتماده الى النظام السوري في محاولة لإخراج لبنان من وضعيته، ووضعه في قلب محور الممانعة. وتشكل هذه الخطوة اعتداء على القضاء اللبناني وسيادته، واستفزازاً للمنظومة العربية التي علقت عضوية النظام السوري من خلال الجامعة العربية». وتابعت: «هذا الأداء المعتمد من «حزب الله» أوصل الأمور الى هنا، إضافة الى تصاريح الرئيس الإيراني حسن روحاني والديبلوماسي ولايتي التي تصوّر لبنان على أنه جزء لا يتجزأ من المحور الإيراني».
وأردفت المصادر: «من يتحمل مسؤولية استقالة الحريري هو من خرج عن أسس التسوية ومرتكزاتها وضرب بعرض الحائط كل ما تم التوافق عليه لإدارة هذه المرحلة، ويتحمل مسؤولية ما وصلت اليه الأمور». وذكّرت بأن «القوات» كانت السباقة بالتحذير من الوصول الى هذه المرحلة «لأن هذا الطرف ظن أن باستطاعته أخذ البلاد رهينة مجدداً على غرار أيام الجيش السوري في لبنان، إلا أنه لم يقرأ المعطيات السياسية المتصلة سواء بالتوازن السياسي الداخلي الذي تؤمّنه «القوات» و»المستقبل»، أو التحولات الخارجية التي بدأت مع الإدارة الأميركية الجديدة وصولاً الى قمة الرياض التي قررت الدخول في مواجهة في المنطقة تحت عنوان تحجيم النفوذ الإيراني».
وختمت المصادر: «لهذه الأسباب كافة تمت الاستقالة وهي خطوة من ضمن خطوات وستفتح الباب أمام مرحلة جديدة تصعب معها إدارة البلاد وتأليف أي حكومة مع «حزب الله»، وستُعلّق المساكنة مع الحزب حتى إشعار آخر، أي حتى انسحابه من سوريا وتسليمه سلاحه الى الدولة اللبنانية. وستكون الأمور في لبنان مفتوحة على الاحتمالات والمفاجآت شتى.
وتجدر الإشارة الى أن «القوات» التزمت التسوية وبنودها، إنما الطرف الآخر هو من خرج عنها. و»القوات» كانت أول من حذر، ونذكّر بكلام الحكيم في قداس شهداء المقاومة اللبنانية، حيث رفع السقف عالياً. وأولويّتنا كانت وستبقى سيادية من أجل قيام الدولة في لبنان ونناضل في سبيل ذلك».
ما تقدم يؤكد مرة جديدة أن الاستقالة جاءت في سياقها الطبيعي، وعلى رغم أن المرحلة المقبلة غير واضحة المعالم إلا أن شعار السيادة والوطنية سيكون عمادها وستنشأ معارضة وطنية رايتها الكيان اللبناني بوجه تعديات إيرانية الهوى.