تاريخيا، لا شيء يربط 2 أيار بـ6 أيار... ولكن، لبنانيا، عندما يُسجَّلُ في المحافل الدولية واللبنانية إنجازاً جديداً للجسم الصحافي والاعلامي قبل أيام معدودة من يوم "شهداء الصحافة"، لا بدّ أن يكون للتاريخين معنى.

في 2 أيار 2017، تم اختيار الكاتب والاعلامي اللبناني ورئيس تحرير صحفية "الشرق الأوسط" غسان شربل "شخصية العام الإعلامية" لعام 2017 في ختام المنتدى الذي انعقد في مدينة دبي الإماراتية تحت شعار "الحوار والحضارة". وبعد أربعة أيام، أي في 6 أيار، أضاءَ غسان شربل شعلة الحريّة فوق قبور شهداء القلم الحرّ، وروى بكلماته حدائق المدافن اليابسة استقلالاً وحقاً.

شربل، الذي ترأس سابقاَ تحرير صحفية "الحياة" ومجلة "الوسط"، إضافة الى تسلمه في السابق مسؤوليات أساسية في عدد من الصحف اللبنانية والعربية، وتميّزه بقلمٍ تحليلي... لعب دوراً أساسياً في "نثر" روايات تحكى للمرة الأولى عن شخصيات سياسية لبنانية وعربية، كاشفاً ما هو "خفي"، ومظهراً كل الأدوار التي لعبتها هذه الشخصيات بالسرّ...

وفي هذه المناسبة المفرحة، لا يمكن أن ننسى يوم "الصحافي الشهيد" الذي قدّم جسده قرباناً على مذبح الوطن... 6 أيار، حرّك بحزنه الجسم الإعلامي بأكمله... هو يوم، الذي رفع الشهيد في وجه أيادي الغدر والإجرام أقلامه، وعلّق بحبره مشانق المنافقين والغدّارين.

من هنا، مسلسل جرائم الاغتيال التي استهدفت الجسم الصحافي، وكان آخر ضحاياه الشهيدان جبران تويني وسمير قصير، يمتد الى مئة عام من الزمن، واليكم تفاصيل هذا الإجرام:

في 21 آب 1915: كان الصحافيان الاخوان محمد ومحمود المحمصاني أول المحكومين بالاعدام شنقاً في "ساحة الاتحاد" التي عرفت لاحقاً بـ"ساحة البرج" قبل ان تصبح ساحة الشهداء.

في 6 ايار 1916: اعدام سبعة صحافيين شنقاً، وهم: احمد حسن طبارة صاحب جريدتي "الاصلاح" و"الاتحاد العثماني"، سعيد فاضل عقل صاحب جريدة "البيرق" ورئيس تحرير عدد من الصحف كـ"النصير" و"الاصلاح" و"لسان الحال"، عمر حمد (كاتب في جريدتي "المفيد" و"الاصلاح"، عبد الغني العريسي صاحب جريدة "المفيد" و"فتى العرب" و"لسان العرب"، الامير عارف الشهابي المحرر السياسي في جريدة "المفيد"، بترو باولي مدير جريدة "الوطن" ورئيس تحرير جريدة "المراقب"، وجرجي حداد الصحافي في جريدة "المقتبس" و"الرقيب" و"لبنان".

في 5 حزيران 1916: انضم الى قافلة الشهداء الاخوان فيليب وفريد الخازن صاحبا جريدة "الارز".

في 8 أيار 1958: اغتيال نقيب المحررين السابق نسيب المتني المعروف.

في 16 ايار 1966: اغتيال كامل مروة صاحب جريدة "الحياة" داخل مكاتب الجريدة في منطقة "الخندق الغميق" قرب ساحة رياض الصلح.

في 16 ايار 1976: مقتل الصحافي ادوار صعب رئيس تحرير "لوريان لوجور" برصاص قناص مجهول اثناء توجهه من الاشرفية الى مكتبه في الحمراء.

في 4 آذار 1980: اغتيال الصحافي سليم اللوزي صاحب ورئيس تحرير مجلة "الحوادث" بشكل متوحش.

في 23 تموز 1980: اغتيال نقيب الصحافة رياض طه بست رصاصات من النوع المتفجر اخترقت رأسه.

في 24 شباط 1986: العثور على الصحافي سهيل طويلة جثة في محلة النورماندي في بيروت بعد 24 ساعة على خطفه من منزله بعد عودته من مبنى جريدة "النداء" الشيوعية التي كان يترأس تحريرها.

في 17 شباط 1987: اغيتال الاديب والمفكر والكاتب حسين مروة داخل منزله في بيروت.

في 2 حزيران 2005: اغتيال الكاتب السياسي في "النهار" والصحافي العربي – الدولي سمير قصير بعبوة وضعت داخل سيارته في الاشرفية.

في 12 كانون الأول 2005: اغتيال جبران غسان تويني بسيارة مفخخة بأربعين كيلوغراماً من المواد المتفجرة وضعت في محيط منطقة المكلس.

من هنا، يأتي اختيار غسان شربل "شخصية العام الإعلامية" بعد تاريخ حافل بقوافل من شهداء الصحافة... بصمة تأكيدٍ على أن لا شيء قادر على إخماد نار الحريّة.