لم تكن قافلة شهداء الأرز تنقص سوى صحافيّاً يخطّ بمداد القلب رسالة كلّ لبناني شريف مؤمناً بوطنه وشامخاً بمحبته وراسخاً بمبادئه. لبنان وطني الحرّ السيّد المستقل، قسمٌ نادى به على الأرض وطار مع روحه ليعانق السماء ويردّد أمام خالق الأكوان أنشودة محبة تعبق بأريج أرض الرسالة ووطن السلام.
أقسم ذلك الرجل الوطني في ثورة الرابع عشر من آذار مع الملايين على وحدة لبنان بأطيافه كافة، وباتت كلماته تتردّد على ألسنة اللبنانيين الذين طاقوا إلى الحرية. فكان لتكرارها ترددات مزّقت صدور النظام السوري المحتل وأذرعته في لبنان. وبعدما اغتال النظام ذاته حلم لبنان، نفذ مخطط كسر الأقلام وكمّ الأفواه؛ وكانت النتيجة اغتيال جبران تويني.
في ١٢-١٢-٢٠٠٥ كان النهار المشؤوم. انفجار هزّ منطقة المكلّس؛ سيّارة مفخّخة كانت أداة القنص التي فتكت بالشخصية الأكثر إيماناً بلبنان، عملاق التمرّد على النظام المغتصب ليصبح شعلةً مضيئة في سماء ثورة لا تنطفئ. بسيارة مفخخة ظنّوا أنهم أخفتوا نبرة صوت اهتزّ لها الوجدان الوطني وانتفض على نغمتها الخنوع والضعف. ادّعوا أيضاً أنهم بموته استطاعوا إلغاء مسيرة قادها بطهارة روحيّة، كلّلها ببطولات تجاوزت حدود الموت وارتقت إلى أسمى درجات الشهادة. لكنّهم لم يكونوا على علم أنّ قلم الحقّ لا يكسر وحبر الحرية لا يجفّ.
نمْ قرير العين يا جبران، وارقد بسلام رغم ما وصلنا إليه من انحطاط سياسي، ورغم ابتعادنا عمّا علّمتنا إياه. فعادت سياسة التخوين وكمّ الأفواه إلّا أنّ معظم شباب اليوم وصحافيّي المستقبل، اتخذوا منك قدوة وتسلّح بنفس إيمانك. وسيبقى فكرك نابضاً ونيّراً للدفاع عن لبنان.