في 12 كانون الأوَّل من كلِّ عام، تخونني ذاكرتي وتُعيدُني إلى 12 كانون الأوَّل من العام 2005.
في تلكَ الحقبة من الزَّمن، لم أكن أتخطَّى أعوامي الإثني عشر، حين كانَ على طاولتي، دفتر ملاحظات امتلأت أسطره بأسماء الشُّهداء والجرحى.
ولكن... ما قبل 12 كانون ليس كما بعده بالنسبة لي.
فأنا الَّتي جهلتُ "جبران تويني" واسمه الَّذي تأخر تدوينه على ذلك الدّفتر ليلتحق برفاقِه الشُّهداء، قد ذَرفت عيوني دموعها، لأوَّل مرّة، على شهيدٍ قضى دفاعاً عن حريَّة "الكلمة" الَّتي لم أقرأها يومًا.
في الأيَّام القليلة المقبلة، أصدرت "نون" مجلَّة تَحكي عن شهيد الصِّحافة الحرَّة، وتروي مسيرته المهنيّةَ... أذكر جيِّدًا كم ألححتُ على والدي حتَّى يشتري لي ذلك العدد، لأتعرَّف على سيِّد بَكتهُ عيناي قبل أن يحفظه عقلي.
لن أستشعر، ولن أردِّد كلمة "أنتَ حيّ فينا"... ولكن يا جبران بعد 11 عامًا، أتعلم ما الَّذي يجري في عالمنا اليوم؟ يدافعون عن أفراد لا يقدِّسون الكلمة، يشتمون أرضهم ويسيئون إلى رؤسائهم... يعتصمون، يعترضون، ويتبنُّون عباراتهم... دفاعًا عن "الإهانة" و"التَّحقير".
قتلوكَ يا جبران خوفًا من طغيان حبر قلمكَ على المطامع السِّياسيَّة المقيتة، واليوم يقتلون الكلمة! أمَّا نحن، فأحببناكَ صغارًا، وقرأناكَ شبابًا، وآمنّا بكَ كبارًا...
جبران...
إن لم يكن العقاب القضائي آتٍ، كن على يقين أنَّنا، نحن أبناء مدرسة "الإعلام الحرّ" سنعاقب كلّ من يشوِّه صورة من أسَّس وعلّمَ واستشهد من أجله...