كُتب هذا المقال على ضوء حدثٍ أخذ مجراه منذ بضعة أيّامٍ ولعلّ الرّأي الشّخصيّ المطروح تواجد عند حشدٍ كبيرٍ من الحاضرين، ليس علينا إلّا إظهار الوقائع بدون تردّد وتبيان الحقيقة المزعجة الّتي بالكاد تتغيّر.
ففي تاريخ 29 كانون الثّاني 2018، وصل إلى لبنان فخامة رئيس جمهوريّة المانيا الإتّحاديّة فرانك فالتر شتاينماي، وشاءت الأحداث أن تكون وسيلة استقباله شكلاً من أشكال الخلل بالأمن ألا وهي تحّرك مجموعةٍ من مناصري حركة أمل نحو مقرّ التّيّار الوطنيّ الحرّ.
فلنعتبر أنّها حادثة ومرّت، ربّما اعتدنا على هذه النّزاعات الموسميّة.
بعد مرور يومٍ على وجوده في لبنان، كان الرّئيس الألمانيّ شديد الإصرار على مقابلة العنصر الشّابّ اللّبنانيّ من على منبر الجامعة اللّبنانيّة بشكل خاصّ داعياً جميع الفروع للقاءٍ حواريٍّ تطرح فيه الأسئلة والأجوبة على صعيد الشّق الأكاديميّ وكلّ ما يهمّ الطّالب.
وبالطّبع كان هذا حافزاً لحضور الجلسة، إلى جانب ضرورة مواكبة جميع النّشاطات الطّالبيةّ بمختلف أنواعها ضمن كافّة الجامعات بشكل عامّ والجامعة اللّبنانيّة بشكل خاصّ.
لكنّ المفاجأة الأكبر كانت بمضمون اللّقاء، ونجدر هنا بالذّكر أنّه كان قائم في حرم الفرع الاول - الحدث.
فور صعود ستّة تلامذة من الفرع عينه على المسرح كان السّؤال الأولّ وأقتبس:
"نتج عن الجيش وحركات المقاومة عدّة مكاسب كتحرير الجنوب وجرود القاع، فهل تعتبر دولة المانيا أنّ حزب اللّه هو منظّمة إرهابيّة؟"، وبالطّبع علا تأييد الجمهور مع العلم بما هو موقف المانيا والدّول الأوروبيّة بالجواب عن هذا السّؤال.
والسّؤال التّالي كان "لم دولة المانيا تصدّر السّلاح في حين أنّها تدعو إلى السّلام، فهنيئاً لنا من يتكلّم عن الشّرعيّة في السّلاح"، وغيرها حتّى الوصول إلى السّؤال الأخير الّذي طرحته من على منبر الجامعة اللّبنانيّة وأشدّد على الكلمة الأخيرة، تلت السّؤال الأخير لاجئة سوريّة تودّ دعم المانيا في خلق مقوّمات مناسبة لإعادة سوريا دولة محترمة من أرضنا.
أفيد بالذّكر أنّ لائحة الأسئلة هي بلا شكّ مطّلع عليها قبل طرحها من قبل مسؤول من مكتب رئاسة الجامعة ومن الممكن أن يكون رئيس الجامعة بذاته.
لختام هذا اليوم، توصّلت إلى نتيجتين: الأولى وهي تهميش باقي الكلّيات في مثل هكذا لقاء، فإنّه لواجب أكثر من حقّ بأن نمثّل كلّياتنا والمشاركة تلامس الجميع ليست محصورة بطرف.
والنّتيجة الثّانية كانت بلا شكّ الواجهة الّتي أعطيت بشكل واضح إلى دولة المانيا من خلال شخص رئيسها عن الشّباب اللّبناني ضمن جامعاتهم وحياتهم وبيئتهم، بأنّهم موالون للعنف والخلل الأمنيّ وانعدام الشّرعيّة، فأتساءل إن كان آخر رئيس المانيّ قد زار لبنان منذ 120 سنة، إذاً لكم من الدّهور سيأتي موعد الزّيارة الجديدة؟
الجواب واضحٌ، طالما الجامعة اللّبنانيّة تتعرّض للاحتكار من أحد الأطراف المتناسية للهوّيّة اللّبنانيّة، ستبقى الدّول تدلّ علينا جميعاً في إطار الدّول الحاضنة للإرهاب، أيضاً سيتناقص المجال المفتوح في نسج العلاقات الدّوليّة ربّما بشكلٍ نهائيّ، في حين ندرك السّبب والحلّ، لكن ننتظر من المتطوّع في التّصرف نحو الحلول المناسبة، على أمل الخروج من دوّامة الطّغاة.