في علّم الكون كتابة الحرف، وصناعة السفن، وكانت عاصمته "أمّ الشرائع لمئات السنين، في وطن قدّم الغالي والرخيص كرامات الناس، وأعراضهم، ولم يدخله العدو الا على جثث الشهداء كي لا يذلهم أحياء، نرى اليوم سرطان "الزواج المبكر" يضرب عصب التطور الفكري والخلقي فيه، ضاربا عرض الحائط كل ما وفف اليه اللبنانيون على مر العصور لأجل حماية الحريات.
ذاك الزواج المبكر، ليس مجرد كلمة، بل هو محوّل للفتاة من طفلة بريئة من حقها أن تعيش طفولتها، محمية، متعلمة وسعيدة، لتتذكرها وتخبر أولادها بعد طول سنين عن مدى استمتاعها بها، وتعلمهم على عيش طفولتهم بدورهم، يحوّلها الى أداة للجنس عاجزة عن المقاومة، ووسيلة لتعبئة شهوات أنانية، غرائزية، متوحشة، غير آبهة بأحاسيس الغير وحياتهم. فقولوا لي يا مشجعي الزواج المبكر، أي زوجة ستكون تلك الطفلة التي ستضاجع بعمر تسع أو عشر سنوات؟ أي فهم ستنقله لأولادها يوما؟ أي تعليم ستعلمهم اياه؟ ألا تظنون أن زواجكم بصغيرة ما هو الا بداية لعائلة ضعيفة ممزقة، يحكمها الوالد بطريقة ديكتاتورية متخلفة، للسيطرة على زوجته وأولاده، الذين سوف يدفعون الثمن جرّاء براءة والدتهم الفائقة وجشع والدهم الأناني، وبالتالي ستتحول العائلة الى جحيم، وستنتج مجرمين، ومغتصبين ومتطرفين بعقول محدودة لا أمل فيها بالتقدم، بسبب الخلل الأساسي الذي سببه ذلك الزواج المبكر؟ ألم نبلغ كمًّا كافيًا من التطور لمناهضة ذلك الزواج البيدوفيلي ولوعي أضراره؟ أليست أكثر بلدان العالم تخلفًا تلك السامحة بالزواج المبكر؟ وفرضا أن بعض العقائد "السماوية" تشرع ذلك ، أفليس للعقل والضمير شرعته بخصوص ذلك الموضوع؟
كفانا اختبائا وراء اصبعنا، على البرلمان نَص قوانين تجرّم كل من تزوج بصغيرة ليحرمها من طفولتها ويخضعها للعبودية الجنسيّة والانجاب المكثف كالاَلة ، متناسين سلامة جسدها، في الوقت الذي تمرح فيه غيرها من الفتيات وتحظى بالاهتمام الكافي من أهلهن،
وينعمن بصحتهن، وأكثر من ذلك تجريم من زوّج طفلته لاستيفاء مهرها! أليس حرام رمي البنين كرمي النعال؟
كفانا ذلّ، احموا الأطفال في لبنان، فنحن بلد يكرّس حقوق الانسان والطفل جرِّموا الزواج المبكر ، وجرِّموا من يطالب به، فبلدنا لن يكون مغارة مغتصبي أطفال، بل نريده منارة للشرق ومعلًّما للعالم معنى الحرية والكرامة والضمير!
وأطفال بلدنا نريدهم نواة الجيل المستقبلي في تطورهم الفكري وانفتاحهم ولذلك، أجسادهم يجب أن تكون ملكهم حتى بلوغهم! فالعقل السليم بالجسم السليم! وبناتنا، نريدهم أحرار، متعلمات، قادرات على قول "لا ونعم" بوعي وحرية، ولسن أسيرات بيت جهنمي، دورهنّ فيه "لزيادة النسل".
فزمن الجاهلية والانحطاط قد ولّى!
ولا بدّ من إلقاء الضوء على إنجازات حزب القوات اللبنانية في هذا الشأن وبالأخص من خلال إنجاز النائب إلي كيروز الذي أدى إلى تصويت اللجان النيابية المختصّة على إلغاء القانون ٥٢٢ الذي يجبر المغتصَبة على الزواج من المغتصِب والسعي الذي يقوم به لإلغاء الزواج المبكر.