دُقّ ناقوس الخطر!
اقتصاد JUL 17, 2020

تقرير "أزمة السّلع والسّوق في لبنان" من فقرة "شو في ما في" من العدد التّسعين من مجلّة آفاق الشّباب

 

أزمة السلع والسوق في لبنان

فوضى وتفلّت أمني وتضخّم للعملة وزيادة للأسعار وأزمات متتالية من دون حلول تقع على عاتق الدولة اللبنانية، وليس للشباب ملاذًا سوى أبواب الهجرة. كيف لا وقد تبخّرت فرص العمل؟ كيف لا والاستقرار القومي الأمني على المحك؟ كل ما سبق في مكيال، أمّا الأمن الغذائي في مكيال آخر.

 

وصل لبنان اليوم إلى الحضيض، ودُقّ ناقوس الخطر فيما يتعلق بتأمين السلع الأساسية ودعمها، كالمازوت والقمح وسواها من المواد التي تعوّل حياة الإنسان عليها. على الرغم من إعلان وزير الاقتصاد راوول نعمه سابقًا دعم مصرف لبنان للسلة الغذائية بهدف خفض الأسعار وفق آليّة قد وضعتها الوزارة، إلّا أن المواطن اللبناني لم يلمس أيّة نتائج لتلك الخطة، وأصبح سعر ربطة الخبز 2000 ليرة بزنة 900 غرام ويزداد الوضع سوءًا يومًا تلو الآخر، ومصير التاجر والمستهلك مجهول على حدّ سواء.

 

ما هي أسباب الغلاء؟

يعود غلاء الأسعار وشح بعض المواد والسلع من الأسواق إلى عدة أسباب مترابطة، وأولها ارتفاع سعر الصرف باعتبار أنّ لبنان بلد مدولر (أي يمكن للمواطنين استعمال عملة الدولار في الدورة الاقتصادية اليومية في الداخل اللبناني)، فضلاً عن أن لبنان يعتمد بأغلبية سلعه على الاستيراد الذي يتطلب فتح اعتمادات بالدولار. كلّ ما ذكرناه سابقًا متعثّر بفعل تراجع قيمة العملة الوطنية، ما أدّى إلى تضخم كبير ومستمرّ، وبالتالي إلى زيادة الأسعار على التاجر والمستهلك. هذا ما آل إلى حلقة مفرغة أي دوّامة تفاقم أزمة اقتصادية لا حلّ لها. وتأكيدًا على ذلك، تفيد جمعية حماية المستهلك في لبنان أن ارتفاع الأسعار بلغ 72% منذ تشرين الأول 2019 حتى حزيران 2020.

 

من جهة ثانية، وفي ظلّ أزمة مماثلة تحتاج الدولة اللبنانية إلى دعم قطاع الصناعة للاستعاضة عن بعض السلع المستوردة بغية تخفيض حجم الاستيراد وخلق فرصة ذهبية للشركات الصناعية لزيادة صادراتها إلى الخارج وإعادة إحياء العجلة الاقتصادية. إنّما مع غياب تطوير هذا القطاع الحيوي ودعمه، وقع هذا الأخير في عجز وبات لا يتعدّى 7,5% من الناتج المحلي بحسب ما أظهرته المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (ايدال)، وهذه النسبة لا تكفي لإشباع السوق المحلي.

 

شح المواد في السوق هو بحدّ ذاته مسبّب أساسي لغلاء الأسعار، وذلك نظرًا إلى مبدأ العرض والطلب. ففي ظلّ تضاؤل العرض وتزايد الطلب على السلع، يزداد سعر هذه الأخيرة؛ وهذا هو حال السوق اللبناني: رفوف ومحال تجارية فارغة لا تتوفر فيها السلع.

 

ما هي أسباب الشح في السلع؟

تدهور قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار: أدّى هذا التدهور إلى تضخم الأسعار على التاجر المجبر على الاستيراد بالعملة الصعبة ما يعكس شحًّا على الداخل اللبناني في السلع التي لم يعد بمقدور التاجر استيرادها، فيلجأ إلى مضاعفة أسعاره لضمان الربح.

 

تهريب البضاعة المدعومة من الدولة اللبنانية والدولار عبر الحدود: في هذا الإطار، أفاد عضو تكتل الجمهورية القوية وهبي قاطيشه لوكالة الأناضول الشهر الفائت أنّ "النظام السوري المحاصر هو المستفيد الأكبر من عمليات التهريب على الحدود"، مضيفًا أنّ "المواد الاستهلاكية المدعومة في لبنان تُهرّب عبر الحدود اللبنانية - السورية، كالطحين والمازوت والأدوية والدخان...". الجدير بالذكر أنّ قيمة التهريب من المحروقات فقط منذ 2017 حتى اليوم بلغت مليار دولار تقريبًا. هذه المحروقات يشتريها السوق اللبناني بالدولار، وتُهرّب منه إلى الداخل السوري حيث يُدفع للمهربين بالعملة المحلية. فيهدّد هذا التهريب الأمن القومي الاقتصادي والقطاع المالي المنهك على حدّ سواء، لأنّ الاستيراد لدعم المحروقات أكبر من حجم الاستهلاك المحلي. كذلك الأمر بالنسبة إلى تهريب الطحين الذي ضبطته أشرطة الفيديو ويُهرّب بشاحنات عبر الحدود، في وقت باتت الأفران المحلية تعتكف عن توزيع الخبز أو زيادة سعر الربطة.

 

أين الدولة؟

سؤال مشروع: أين الدولة من تلك الفوضى العارمة في القطاع المالي والاقتصادي؟ أين الدولة من دعم قطاع الصناعة؟ أين الدولة من التهريب عبر الحدود؟ أين الإستراتيجية والخطط التنفيذية التي تحمي المستهلك والتاجر معًا؟ من يضمن الأمن الغذائي القومي؟ بات عجز هذه الحكومة عن بتّ سياسة إنقاذية واضحة. لكن يبدو أنّ لا حياة لمن تنادي.

اقتصاد JUL 17, 2020
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد