الحياة مجموعة أحداث، وكلّ منّا يملك حرية اختيار عنوان قصّته. فكم من شخص تنقلب حياته رأسًا على عقب بين ليلة وضحاها، لكنّه يرفض الاستسلام لواقعه المأساويّ، بل يواجهه بكلّ ما أوتيَ من قوّة. والسرطان هو ذاك المرض الخبيث الذي يتملّك أجسادنا وينخر خلايانا بلا أيّ استئذان أو سابق إنذار. ومعركته من أصعب المعارك التي يخوضها الإنسان؛ فإمّا يكون بطلًا ويكتب قصّة انتصاره بقلم آلامه ومعاناته، وإمّا يغلبه المرض ويصبح ضحيّته.
فيخطف السرطان المريض من حياة صاخبة ومليئة بالأحلام، إلى واقع مرّ لا يشبه مخطّطاته. ويتغيّر نمط عيشه، وينسيه طموحاته ويصبح هدفه الأوّل والأساسي التمسك بالحياة والتغلب على المرض. لكنّه في الوقت ذاته يجعل منه محارب لا يعرف الهزيمة ولا يخاف الموت، ولا يستسلم رغم أوجاعه بل يحوّلها إلى مصدر قوّة وأمل بوجود غد أفضل.
مرضٌ لا يعرف الرحمة ولا العدل، ويستحوذ على حياة أطفال لا يدركون مدى خطورته وعواقبه؛ ترافقهم الدموع وصرخات الوجع والويلات، في حين ينعم رفاقهم بالألعاب والقهقهات المفعمة بالفرح والحياة. لكل شخص قصّة كفاح مختلفة، تدمج ما بين اليأس والألم والتفاؤل والأمل. فعلى كل مصاب رفض مقولة "محارب السرطان" لأنها تجسّد الخسارة والربح معًا، ليستبدلها بلقب "البطل" كونه فائزًا دائمًا.