بعد الفشل الذريع في دورتين انتخابيتين متتاليتين، تمكّن رئيس التيار الوطني الحرّ من الوصول إلى البرلمان اللبناني في تجربته الثالثة، إثر التحالف مع مَن اتّهمه مراراً وتكراراً أنه، وبفضل سياسات حكوماته المتعاقبة، أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من أزمات اقتصادية، متجاهلاً وعن قصد، خصمه السياسي الأول الذي يشغل من دون أي شك مكاناً وازناً وهو حزب القوات اللبنانية.
وعلت الأصوات الثائرة في لبنان وكانت البترون إحدى هذه الأصوات، وبدأت معها الضربات تتساقط على باسيل واحدة تلو الأخرى. وكانت البداية مع الإشكال الذي حصل مع إحدى الشابات التي تعرّضت للضرب من قبل مرافقي باسيل إثر مشادة كلامية بينهما في سوق البترون.
أما الضربة الثانية، فقد أتت من عقر دارهم عن طريق مناصري التيار في البترون، حيث أن الأولى لم تتردّد بالمتاجرة بأرواح البترونيين وقامت بإعطائهم لقاحات الماء والملح في مستشفى البترون مقابل بعض الدولارات وما زالت حرّة حتى اليوم، على الرغم من اعترافها بالجرم الذي ارتكبته. وفي حين تقدّم عضو تكتل الجمهورية القوية فادي سعد بإخبار حول هذه اللقاحات المزورة، لم يتخذ أي إجراء قانوني بحقّها، والسبب بسيط يكمن في انتمائها للتيار الوطني الحرّ وتمتّعها بغطاء باسيلي الذي لم يكتفِ بتغطية الفاسدين وحسب، إنّما يغطي الدويلة وسلاحها غير الشرعي، كما يرمي بنفسه في أحضان حزب الله مسلّماً إياه سيادة الدولة.
وقبل وصول ملف تزوير اللقاحات إلى نهايته، فضيحة فساد أخرى أبصرت النور في مستشفى البترون، حيث استغلّ أحدهم فرصة عدم معاقبة زميلته المزوِّرة وسرق المعدات الطبية وباعها في بعض متاجر المدينة وما زال أيضاً حرّاً والسبب واحد: الغطاء نفسه.
كل هذه الأحداث مرّت مرور الكرام من دون أن يتأثر رئيس "التيار" الذي لطالما كان متهماً بصفقات الفساد المشبوهة منذ دخوله إلى وزارة الطاقة، بالإضافة إلى إدراجه على لائحة العقوبات الأميركية لارتباطه بالفساد؛ إلى أن أتت الضربة الموجعة التي هزّت التيار بأكمله وباسيل خاصة، وهي ترشيح "القوات اللبنانية" لغياث يزبك عن المقعد الماروني في البترون. إذ يدرك باسيل مدى خطورة خصمه الجديد في البترون. فغياث يمتلك تاريخاً مشرفاً في مقاومة الاحتلال، حيث بدأ مسيرته مقاتلاً على الجبهات ومن ثم تحوّل إلى قيادي في المجلس الحربي، وأكمل مسيرته بعد طيّ صفحة الحرب في النضال الإعلامي والصحفي في وجه الاحتلال السوري. من هنا ظهر امتعاض باسيل في حملاته الممنهجة، إذ جنّد جميع مناصريه لمهاجمة المرشح القواتي ومحاولة إحباط محاولاته في تصحيح ما أوصلنا إليه العهد القوي وتياره.
لم يكن هجوم التيار مستغرباً، فباسيل اعتاد على منع الآخرين من المساعدة وعلى إطلاق أبواقه السيّئة على كل من يسعى إلى تضميد جراح البترون التي تسبّب بها. في الخلاصة، لم يحرّك باسيل ساكناً في كلّ ما سبق ذكره، إلّا أنه شنّ هجوماً عنيفاً على "القوات اللبنانية". فهل تشكّل الانتخابات النيابية المقبلة ضربة قاضية لباسيل ومستقبله السياسي وتدعوه حقاً للقلق من نتائج الانتخابات النيابية؟