"خمسة أيام" ممن كان يعلم... ولم نعلم
مساحة حرة AUG 07, 2021

ليست بحرب عالمية ثالثة، ولا قنبلة ذرّية، ولا تفجير نووي! إنّه تفجير مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠ في قلب العاصمة وقلب الوطن، فدُمّر الوطن وأدمي قلبه. إنها جريمة العصر التي أسفرت عن أكثر من 200 شهيد وضحية وآلاف المصابين، فضلاً عن المشردين والأضرار المادية من أبنية ومدارس ومستشفيات بأرقام لا تحصى. قرّر أن ينهي حياتهم إجرام المافيا وإهمال السلطة. سنة مرّت على تفجير كاد أن يطيح بوطن، في حين أنّ اقتصاده يحتضر ويشارف على الاضمحلال.

 

سنة مرّت ولا زال ينتظرها اللبنانيون أن تساوي خمسة أيّام تحقيق في قاموس رئيس الجمهورية الذي وعدهم أن العدالة التي كادت أن تُخمد نار جرحهم النازف الملتهب ستتحقق؛ لكنهّا لم تتحقق بعد. نعم، كان يعلم بوجود نيترات الأمونيوم في المرفأ، وحينها لم يتصرّف لحماية المواطنين من الكارثة، ومن يدري اليوم إن كان لا يعلم هوية المرتكب ولا يريد التصرّف أيضاً؟ فالساكت عن الحق كالساكت عن الباطل والظلم، شيطان أخرس ومتواطئ.

 

سنة مرّت وطالب فيها اللبنانيون وأهل الضحايا إلى جانبهم حزب القوات اللبنانية، بفتح تحقيق دولي يظهر الحقيقة؛ لكنّ السلطة السياسية لطالما تمرّست في صنع بدائعها، والتحقيق لا يزال رهن قرار سلطة جائرة رفضت رفع الحصانات عن نفسها لبدء ما وعدت شعبها به. فكان قرارها بالتصويت ضد رفع الحصانات عن أزلامها. طبعًا من يثق ببراءته سيرفع الحصانة ويمتثل، ومن ليس بريئًا من التفجير والإهمال، لن يمتثل وسيحاول بشتى الطرق أن يتعالى على القانون.

 

سلطة أرادت أن توهم اللبنانيين بأنها تهتم لعدالة تفجير المرفأ وضحاياه، لكن فاتها أنّ رفض استقبال أهالي الضحايا في القصر الجمهوري يندرج في خانة اللامبالاة والإهمال والاستهتار وانعدام الإنسانية والوقاحة. وفاتها أن الاعتداء بالضرب على أهالي الضحايا أمام منزل وزير الداخلية محمد فهمي عمل مافيوي وسلطوي بعد أن رفض رفع الحصانة عن اللواء ابراهيم. كما فات الوزير نفسه أن انتقاله وتغيير سكنه خوفاً من أهالي الضحايا عمل دنيء مثير للاشمئزاز يدلّ على مدى جبنه وقلّة مسؤوليته في الملف.

 

"إنه ليس اعتداء إسرائيلي" كما جزم حزب الله، وبرّأ خصمه اللدود وعدو لبنان الأول من العملية. ويجزم اللبنانيون للحزب أنه ليس تفجير ناتج عن تلحيم. فمن يكشف خيوط الحادثة، لا سيّما أن روايات تحدّثت عن تخزين المواد المتفجرة لصالح النظام السوري؟ فهل سيعمد الحزب أيضاً إلى تبرئة النظام الذي لم يوفر فرصة إلا واستغلّها لتنفيذ إجرامه وإرهابه لسحق اللبنانيين وتدمير لبنان وعاصمته؟ من يحمي القضاء من قبضة حزب مسلّح يُحكم سيطرته عليه وقادر أن يتحكّم بأرواح البشر من دون الوصول إلى الحقيقة؟

 

مهما طال الظلم وتأخير الحقيقة فمن الآن سيعاهد اللبنانيون السلطة بأنهم لن يساوموا ولن يهادنوا، وسيضغطون حتى فتح تحقيق دولي شفاف يؤمّن الحقيقة الكاملة من دون كذب أو مواربة، في ظل وجود قضاء لبناني يتحكم به ترهيب ميلشيا وترغيب سلطة فاسدة. وسيظلون سائرين على درب التضحية وبذل الذات حتى تحقيق العدالة. فلن ينسوا وسيحاسبون وسينتقمون لبيروت من كل من خزّن وأهمل وشارك ونفذ وغطّى وعلم وسكت عن الجريمة، وعلى كل من التفّ عن القانون لتجهيل المرتكب وحماية المجرم وبالتالي لتضليل الحقيقة وتأخير تحقيق العدالة. كما تم تفجير المرفأ وقتل الضحايا، سينفجر الشارع أمام سلطة متسلطة وجائرة، وستظهر الحقيقة لتتحقق العدالة وتظهر المجرمين لإحالتهم إلى المحاسبة، ولن يقبل اللبنانيون بأقل من العدالة ثم المحاسبة من أعلى الهرم حتى أسفله...

 

مهما تجبّر الظالم واستقوى المتسلط، يعدكم اللبنانيون أن العدالة آتية لا محال، وحينها أنتم ستختفون كما حاولتم إخفائها، ستختفون كما تختفي ذئاب الليل مع بزوغ الفجر، حينها ستسطع شمس الحقيقة لتحرق كل من حاول أن يقف أمامها ظانّاً أن ظلاله ستخفت نورهاً يوماً ما، أو محاولاً أن يمسك بها. أنقذوا الحقيقة، عبر فتح تحقيق دولي ولجنة تقصّي حقائق دولية، كما طالب حزب "القوات" من اليوم الأول. فالحقيقة ستظهر، والعدالة ستتحقق...

مساحة حرة AUG 07, 2021
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد