كيف لحصانات ألّا تسقط أمام رهبة الموت؟
تحقيق AUG 02, 2021

سنة كاملة انقضت على كارثة ٤ آب. سنة كاملة انقضت ولم يتعافَ اللّبنانيون بعد من الآثار الجسدية والنفسية التي خلّفها التفجير. سنة كاملة انقضت وبيروت لا تزال طريحة الفراش وجروحها لم تلتئم بعد. سنة كاملة انقضت وأيّام التحقيق الخمسة انقضت معها، من دون التوصّل بعد إلى حقيقة قد تهدّئ نفوس عائلات الضحايا والمصابين والمتضرّرين والمنكوبين...

 

في الرابع من آب عام ٢٠٢٠، شهد لبنان كارثةً صُنّفت من بين الأقوى في تاريخ العالم، وأودت بحياة رجال ونساء وأطفال وعمّال إطفاء وطواقم طبّية، وخطفت الحياة من عاصمة تغنّى العالم بجمالها وسحرها. لكنّ القضاء لم ينصف بعد المتضرّرين، ولم يحقّق عدالة الأنفس التي سُلبت من كنف عائلاتها، نظرًا إلى إصرار بعض الجهات السياسية والأطراف على تسييس الملف وحماية بعض المعنيين بشكل مباشر أو غير مباشر بتكديس الأطنان من نيترات الأمونيوم وتفجيرها في مرفأ حيوي.

 

المسؤولية لا تزال طابة يتقاذفها المعنيّون، ويمتنع العديد من المطلوبين على التحقيق عن المثول أمام القاضي بيطار بذريعة حصاناتهم. أما أهالي الضحايا، ومن ضمنهم أهالي ضحايا فوج إطفاء بيروت، فحاولوا الضغط بشتّى الطرق لرفع الحصانات عن جميع النواب والوزراء الذين طلب المحقق العدلي رفع الحصانات عنهم، بغية تسهيل مجريات التحقيق والتوصّل إلى الحقيقة. لكن اثنين وستّون نائبًا في البرلمان اللبناني حالوا دون رفع الحصانات بعد تصويتهم ضدّ هذا القانون.

 

وفيما يتعلق بموضوع الحصانات، علّق دافيد ملّاحي، وهو شقيق الشهيد البطل في فوج إطفاء بيروت رالف ملّاحي، في حديث معه حول آخر التّطوّرات، وأكّد أنّ "أهالي الضحايا مصرّون وساعون إلى رفع الحصانات، لكنّهم ينتظرون انقضاء الرابع من آب كونهم سيخصّصون هذا اليوم للصّلاة من أجل راحة نفس ذويهم". 

 

وأردف ملّاحي قائلاً: "يجب على المعنيين ألّا يظنّوا أنّ تحرّكاتنا توقفت ومطالبنا انتهت، وألّا يرتاحوا على سرير من حرير، فنحن بانتظار كلام غبطة البطريرك الراعي في الذبيحة الإلهية التي تقام في المرفأ للتصّرف على أساسها". ونفى ملّاحي أي خبر يتعلّق بالتصعيد نهار الأربعاء من قبل أهالي الضحايا، "لأنّ هذا اليوم هو يوم صلاة بحت، وأي أعمال تخريبية أو تصعيدية قد تلي القدّاس، لا تمتّ لعائلات الضحايا بصلة، لا من قريب ولا من بعيد". ودعا ملّاحي في الختام جميع اللبنانيين إلى التضامن معهم "سلميًّا" في هذا اليوم، وطلب من رالف أن يمدّ عائلته بالقوّة والعزم للاستمرار في مسيرة المطالبة بالعدالة التي يستحقّها الأبطال.

 

ومَن منّا لم تُطبع في ذاكرته صورة الممرّضة البطلة باميلا زينون التي حملت في أحضانها ثلاثة أطفال رضّع ونقلتهم من الخراب الى برّ الأمان. وفي حديثٍ معها، أكّدت باميلا أنّ "الطاقم الطبي متضامن مع أهالي الضحايا في موضوع رفع الحصانات عن أيٍّ من كان، لتنجلي الأمور ويحاسب كلّ مسؤول؛ فمن حقّنا أن نعرف الحقيقة ونحن بأمسّ الحاجة إليها". وأضافت: "لقد فقدنا الثقة بالتحقيق المحلي، إلّا أنّنا نتمنّى أن يكون القاضي بيطار على قدر المسؤولية وألّا يتسيّس القضاء كغيرها من المرّات". 

 

وعن نشاط الطاقم الطبي في الرابع من آب، صرّحت زينون أنّ "الطاقم المتضرّر من الانفجار سيكون في مستتشفى القديس جاورجيوس الجامعي لحضور ذبيحة إلهية يقدّمها المطران عودة عن نفس مَن سقط من ضحايا"، مشدّدةً على "أهميّة تواجد الطاقم الطبي على الأرض مع باقي الأهالي لمساندتهم لأن المصاب واحد". ومن هنا، أطلقت الممرّضة البطلة صرخة للطواقم الطبية التي اضطرت إلى الهجرة، "نأمل تحسّن الظروف لعودة مَن غادر، لنساهم معًا في قيامة وطننا الحبيب. مهنتنا تقوم على مبدأ مرافقة كلّ مريض، ولبناننا اليوم جريح ومريض، ومن واجبنا أن نضع لمسة شفاء، كلٌّ من موقعه لازدهار هذا الوطن من جديد".

 

وبالتزامن مع هذه التجمعات، تنظّم مصلحة الطلاب تحرك رمزي  تضامناً مع أهالي الضحايا.
عسى أن يُسمع دويّ صرخات أهالي الضحايا والمصابين والشعب الذين لا يزالوا بانتظار تبيان الحقائق لكي وعلى الأقلّ، ترتاح قلوبهم وأنفسهم وتتحقّق عدالة مَن سُلبت منه الحياة في لحظة، وألا تتكرّر مآسي مشابهة، لأنّ لبنان لم يعد يحمل...

تحقيق AUG 02, 2021
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد