ألقت الأزمات الإقليمية والداخلية بظلالها على القمة الاقتصادية التي عقدت في بيروت نهار الأحد، فانقسمت الدول العربية بشأن المشاركة وقد ألغى العديد من الزعماء مشاركتهم بعد أن كانوا يعتزمون الحضور. تتعدد أسباب الخلافات في المنطقة ولعل أبرز هذه الأسباب هي مسألة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بالإضافة طبعاً الى النزاعات الداخلية في لبنان التي أحاطت بالقمة منذ الأيام الأولى لبدء التحضيرات مما خلق جواً متوتراً في لبنان وانعكس على الخارج الأمر الذي أضعف القمة ومقرراتها حتى قبل انعقادها.
كل هذا ولبنان غارق منذ أشهر في جمود سياسي واقتصادي مخيف، البلد على شفير الهاوية لا بل هاويات: هاوية البطالة والعمالة الأجنبية، هاوية المعيشة الصعبة، هاوية الدويلات داخل الدولة وهاوية الأمن المتزعزع. في وسط كل هذا الضباب كان اللبنانيون يأملون في تشكيل حكومة جديدة قبل انعقاد القمة علها تساهم في حياكة حلول للأزمات الملحة وفي إعادة الأمل الى النفوس. أشهر مضت والحكومة لم تشكل بعد، والمحادثات طالت دون تحقيق أي نتيجة فيما تتزايد المخاوف. فبدا واضحاً للّبنانيين عدم رغبة بعض الأفرقاء السياسيين بتشكيل حكومة تنقذ ما يمكنها إنقاذه وتعيد ولو القليل من هيبة الدولة التي فقدت بالكامل.
فريق متمسك بحصة ضخمة وكأنه ينوي إدارة البلد وحده، وآخر يدافع عن "حقوق" غير محقة. تكثر الألاعيب والنتيجة واحدة: لا حكومة. ألم يكن من الأفضل أن تسعى هذه الطبقة السياسية لتشكيل الحكومة قبل أغلاق معظم طرقات بيروت واقفال المدارس والشركات ومنع السيارات من الوقوف في وسط المدينة؟ ان القمة التي عقدت الأحد مهمة جداً وأساسية لإعادة لبنان الى الحضن العربي ولكن هذه العودة كانت لتكون أقوى وفعالة أكثر تليق ببلدنا لو كان للبنان حكومة تدير شؤونه. لن نطيل الكلام ولن نكثر العتب، على أمل أن نستفيق قريباً على خبر عاجل يعلن ولادة حكومة تبدل صورة لبنان الضعيف بلبنان قوي فعلاً بحجم تطلعات شعبه.