15 كانون: تكريس القرار اللبناني الحرّ
مساحة حرة JAN 15, 2022

ستّة وثلاثون عاماً على إسقاط الاتفاق الثلاثي، من خلاله أنقذ سمير جعجع لبنان من مخالب الأسد، وأنهى حالة إيلي حبيقة التي لو كتب لها النجاح لأصبح اللبنانيون غرباء في بلدهم. من الفيدار شمالاً وحتى المجلس الحربي، أسقطت وحدات القوات اللبنانية تباعاً الثكن والمواقع العسكرية التابعة لإيلي حبيقة، وصولاً إلى محاصرته داخل مبنى الأمن في الكرنتينا. وانتهت العملية بلجوئه إلى وزارة الدفاع عبر آلية عسكرية أمّنها له العماد عون.

 

لم يكن إصرار جعجع على إسقاط الاتفاق الثلاثي سوى إكمالاً لمسيرة طويلة من المقاومة بدأها في الشمال، وصولاً إلى الجبل وشرق صيدا، وتصحيحاً للمسار الذي انتهجته "القوات اللبنانية" في ظل قيادة حبيقة، وما حمل في طيّاته من انحراف عن مبادئ الجبهة اللبنانية و"القوات اللبنانية". إذ ينصّ الاتفاق الثلاثي في بنوده على جعل لبنان تابعاً لسوريا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وتربوياً، ما كان يهدد بنشوء كونفيديرالية غير معلنة تؤدي إلى ابتلاع لبنان وشعبه من قبل آلة البعث السورية.

 

يتكلم البعض بحسرة عن إسقاط الاتفاق الثلاثي، انطلاقاً من أن المضي قدماً به كان سينهي الحرب اللبنانية مبكراً، غافلين أن هذا الاتفاق كان استسلاماً وتسليماً بالهيمنة السورية على لبنان. والبعض الآخر ينتقد إسقاط الاتفاق والقبول باتفاق الطائف لاحقاً، متناسيين أن اتفاق الطائف كان أفضل ما يمكن الحصول عليه بعد مغامرات العماد عون العسكرية الفاشلة وتدميره للمنطقة المحرّرة بحروبه العبثية. في حين أن لحظة التوقيع على الاتفاق الثلاثي كانت الجبهة اللبنانية و"القوات اللبنانية" والشرعية اللبنانية يداً واحدة، قادرة على مواجهة أطماع حافظ الأسد وأدواته المحليّة.

 

كان إسقاط الاتفاق الثلاثي إشارة الانطلاق لورشة بناء "القوات اللبنانية" وإعادة تأهيلها بكافة أجهزتها العسكرية والأمنية والمدنية. وكان نقطة البداية في بناء وإنشاء مرافق حيوية صحية واجتماعية واقتصادية لتحسين أوضاع اللبنانيين داخل المنطقة المحرّرة. وبالتالي، جعل مرض الوصول إلى رئاسة الجمهورية والزعامة يتهافتون إلى تسليم حريّة اللبنانيين على طبق من فضة إلى أعداء لبنان. لكن كما وقفت "القوات" تحت قيادة سمير جعجع في وجه الاتفاق الثلاثي وأسقطته، وأسقطت محاولة إلغائها سنة 1990، ستبقى سدّاً منيعاً في وجه حزب الله ومن سلّم لبنان لإيران أو أي احتلال آخر مقابل مكاسب سياسية ساقطة.

 

لم يحمل إسقاط الاتفاق الثلاثي بعداً عسكرياً وأمنيا فقطً، بل حمل أبعاداً اقتصادية واجتماعية، ظهرت معالمها في الفترة اللاحقة. والهدف الثابت الذي كرسته عملية 15 كانون ونُفذت من أجله هو حريّة لبنان. فهل ستكون الانتخابات النيابية القادمة 15 كانون سياسياً يؤدي إلى تصحيح المسار القائم حالياً؟

مساحة حرة JAN 15, 2022
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد