وهمُ الأكثريات في ظل الأكثرية
تحقيق OCT 09, 2012
كان من المتعارف عليه باستمرار، أن عدد الرجال يشكّل عاملاً جوهرياً في بناء القوة العسكرية والثقل السياسي للدول.
ومع ذلك صار من المؤكد منذ زمن، أنّ العدد لا يكوّن قيمة الشعوب. فإذا أردنا تعريف الأقلّيّات فهي الجماعات التي تقلّ عدداّ عن بقية سكّان الدولة وتكون في وضع غير مسيطر، ولدى أعضائها سمات دينية وإثنية ولغوية تختلف عن تلك التي لبقية السكّان. ويبدي هؤلاء المواطنون وإن بشكل ضمني شعوراً بالتضامن في ما بينهم بهدف المحافظة على ثقافتهم وديانتهم ولغتهم.

هنا نطرح مشكلة الديمغرافيا اللبنانية على ضوء المتغيّرات الحاصلة من بيع وشراء لمساحات شاسعة من الأراضي بهدف تغيير هويتها.
وبما أنّ الجهّات معروفة، نقول لها وبوضوح أنّنا شعب لم يركع في الماضي، لن يركع في الحاضر ولا في المستقبل. ذلك أنّهم في الماضي حاولوا الغاء الوجود المسيحي عام 1975 وما قبل بتشريع العمل المسلّح الفلسطيني على أرض لبنان ليصنعوا منه الوطن البديل عن المباع ، وبقينا. ذهبوا هم من حيث أتوا ولم يصنعوا من لبنان الوطن الفلسطيني الآخر. هذا المشروع كان تحت الراية السنّية بأداة فلسطينية وغطاء الدول العربية، رحلوا وبقينا...

واليوم تحت راية الشيعة السياسية الممثّلة بحزب الله وحركة أمل، الهدف نفسه باقٍ. تغيير الديمغرافيا اللبنانية واستطراداً إلغاء الوجود المسيحي في الشرق. أما ليهوذا فنقول دراهم الأرض لن تدخلك ملكوت السماء، والتينة تنتظر.
بالعودة الى التعريف، فخريطة العالم العربي واضحة في هذا المجال لجهة التوزع السكاني السنّي الشيعي.

بما معناه أنّ الأكثرية السكانية في العالم العربي متمثّلة بالطائفة السنّية الكريمة، أمّا للأخوة الشيعة
المنضوين تحت لواء الحركة و الحزب نقول، و بأحترام كبير ان من سواك بنفسه ما ظلمك يوما ، فنحن قد
حملنا السلاح قبلكم و قاومنا في سبيل ما نعتقد وللمدافعة عن وجودنا في الشرق. ولكن لم ننجح في تحسين وضعيتنا في الحكم ولن تنجحوا. نحن أقلّيتان في الشرق، وطبيعة الجغرافيا اللبنانية شاهدة على ذلك.
 
سكنّا الأطراف معاً، احتمينا في الجبال معاً، أنتم في البقاع والجنوب ونحن في الشمال وجبل لبنان، فهذا دليل قاطع أنّ لكلٍ منّا مشكلته، لذا لا يمكن لنا التحالف معاً في وجه أكثرية سنّية تمتد على الشرق برمّته. ولا تظنون أنّ في شرائكم للأراضي تحسنون وضعكم فهذه السياسة وان كانت جيدة على المدى المنظور فمفاعيلها لن ترتد الّا عليكم.
وبعد التحليل السياسي الذي قدمناه، نظرة الى أرض الواقع حالياً من باب الحرص على الوجود والمستقبل، ذلك أننا مجموعة من الشباب اللبناني الملتزم الذي قرر البقاء في أرضه ليمارس عاداته وتقاليده مهما كانت الظروف.
وبعيداً عن القرار الذي اتخذناه نطرح السؤال التالي، هل يجوز أن يبقى الوجود المسيحي يخضع لمعادلة العرض والطلب؟ وعلى سبيل المثال نذكر الأرض التي بيعت في الدلهمية في الشوف ومساحتها مئات آلاف الأمتار، والأرض التابعة للبطريركية المارونية في لاسا والتي تبلغ مساحتها حوالي 3,750,000 متراً مربعاً والتي تتعرض للتعدي لأسباب عديدة أهمها الدينية، والأراضي المباعة في جزين والتي تبلغ مساحتها 1,300,000 متراً مربعاً، والمشروع السياحي الكبير في منطقة الكورة الذي أدى الى بيع 2,240,000 متر مربع الى مواطنين من أبناء الطوائف الاسلامية، وفي بشري تملك المسلمون نحو 2,180,000 من أراضي سكان القضاء، وفي بيروت وكسروان والبقاع وبعلبك الهرمل وغيرها ...
 

وبعد فإن القصة لا تنتهي هنا فهناك مثل آخر للتعدي على حقوق المسيحيين متمثل بمنطقة رويسات الجديدة ويتجلى أمامنا أسلوب آخر من أساليب التغيير الديمغرافي وهذه المرة ليس من خلال الشراء والبيع فقط بل من خلال السعي لتأمين امتداد فكري.
ولأننا حرصون نقول للمسؤولين الروحيين وكل المسؤولين في هذا المجال أن الشعر لا يحل المشكلة، فبدلاً من دعوة المسيحيين للبقاء في أرضهم وتجذرهم فيها، ضعوا اليد الكاملة على الجرح بتشكيل لجنة كنسية لشراء الأراضي المباعة أو استردادها بالقوة، وهنا نشد على يد الرابطة المارونية ونثمن جهودها في هذا المجال.
وبالعودة الى الشرق، فالتقديرات الأخيرة لعدد السكّان في الشرق تظهر أنّ المسلمين يشكّلون 97,3% مقابل 2,7% من المسيحيين، أمّا عدد المسلمين السنّة 69% مقابل 31% من الشيعة.
أمّا نحن، فوجودنا ليس بالعدد ولن يكون لأنّ العدد لم يعد يكوّن قيمة الشعوب، لذا نحن مستمرون وباقون،على خطى الأسلاف ثابتون، بلبنان متمسكون، قضيتنا:" ليست وهما ً إنها حقيقةٌ ضاربةٌ في الوطن وتاريخه. نحن قوات، قوات الجحيم لا تقوى عليها لأجل غدٍ أفضل دائما ً عاملون."
تحقيق OCT 09, 2012
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد