لم يختلف هذا العام كثيرًا عن سابقاته، بيد أنَّ أُمورًا عدَّة شنَّجت الوضع الدَّاخلي، أبرزها تعطيل نصاب جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهوريَّة ما أدَّى إلى شغور في الكرسي الرِّئاسيّ وسبَّب خلافات عديدة.
أمَّا مشاركة "حزب الله" في المحرقة السُّوريَّة فلا تزالُ تشكِّل الخلاف الأكبر بين اللبنانيين، هذا وقد أصبحت تداعيات اقتتاله في سوريا خطرة على اللبنانيين بأجمعهم.
فالحزب يسعى دائماً إلى تعطيل الانتخابات الرئاسيَّة لكي تبقى الأعين موجَّهة إلى الدَّاخل اللبنانيّ لا السُّوريّ، ليغرِّد خارج السّرب براحةٍ أكبر ومن دون حسيب أو رقيب.
تجدر الإشارة إلى أنَّ مشاركته في الحرب السُّوريَّة أتت خلافًا لإعلان بعبدا، وكأنَّه يتصرَّف على أساس وجوده ضمن دولة خاصَّة به لا علاقة لها بسيادة لبنان.
أمَّا الوضع الحكوميّ فحدِّث ولا حرج! لقد برز وضع الحكومة الكارثيّ في أزمة النّفايات التِّي ملأت شوارع لبنان وطرقاته.
ولكن في المقابل، ظهرت إيجابيَّات نفَّست الاحتقان في الشَّارع اللبنانيّ بشكل عامّ والمسيحيّ بشكلٍ خاصّ، من أبرزها "ورقة النَّوايا" بين "القوَّات اللبنانيَّة" و"التيَّار الوطنيّ الحرّ".
إذ لا يخفى على أحد أنَّ "ورقة النَّوايا" كان لها "وجّ خير" على اللبنانيين، وقد ظهر ارتياح في الشَّارع المسيحيّ وبدأت نتائج التَّقارب الكبير وغير المسبوق بين الطَّرفين تتبلور بسرعةٍ كبيرة، فقد بُتَّ قانون استعادة الجنسيَّة، وهذا ما كان يسعى إليه الطَّرفان بالإضافة إلى العمل على قانون انتخابيٍّ جديد.
شكَّل إطلاق سراح العسكريين المخطوفين لدى جبهة النُّصرة بعد فترة اعتقال غير قصيرة نقطة إيجابيَّة أراحت اللبنانيين وأعادت الفرحة ولو قليلًا إلى وجوههم، آملين في أن يطلق سراح العسكريين المخطوفين لدى "داعش".
وفي أواخر هذا العام، "ظهرت" تسوية رئاسيَّة خلطت الأوراق كلها من جديد. فدعم سعد الحريري لعدوِّه اللدود سليمان فرنجيَّة لم يمر مرور الكرام خصوصًا لدى الأوفياء في ١٤ آذار. إذ انَّ وصول رئيس سوريّ إلى الرِّئاسة الأولى بعد كل التَّضحيات وسقوط عدد كبير من رموز ثورة الأرز على يد النِّظام السُّوري، سيعيدنا إلى عهد ناضلنا كثيرًا للتخلُّص منه، لذلك بدأ العمل منذ الَّلحظة الأولى على إسقاط هكذا تسويات.
اقترب هذا العام من نهايته ولا يزال الوضع في لبنان على حاله. فحزب الله لا يزال يشارك في المحرقة السُّورية غير آبه بالخطر الذِّي يشكِّله وجوده هناك. الفراغ لا يزال سيِّد الموقف في الرِّئاسة الأولى لأن أحدًا لم يقتنع بضرورة انتخاب رئيس صُنع في لبنان، وقد بدأ غياب النِّصاب وانتظار مبادرة من هنا وتسوية من هناك، يدمِّر الحياة الديمقراطيَّة.
نأمل في أن يكون العام 2016 مليئًا بالمفاجآت الإيجابيَّة على الصَّعيدين اللبنانيّ والإقليميّ، وأن تُحلّ أزمة الفراغ الرِّئاسي من خلال انتخاب رئيس قويّ يملك برنامجًا واضحًا، يكون قادرًا على إعادة لبنان السيِّد الحرّ المستقل الذِّي لطالما نادينا به، لأننا شبعنا رؤساء طامعين بمصالحهم الشخصيَّة غير آبهين بمصالح لبنان وشعبه الذِّي دفع دمه ثمنًا لحرِّيته.