يقتحمون الشَّاشات بمواطنيَّة زائفة ليصفِّقوا لأنفسهم على إنجازات وهميَّة، فاشلة! يلقون الخطابات الرنَّانة والمفلسة تمامًا كإفلاسهم السِّياسيّ، الوطنيّ! يستنكرون، يندِّدون، يدينون... وهم على كراسيهم المهترئة متربِّعون! تريدون وطنًا؟ احلموا به! فكيف لمشكلة بسيطة، تنطلق من واجبات الدَّولة وحقِّ مواطنيها، أن تكبِّل بلدًا لأشهر؟ كيف لدولة أن تتفاجأ بهطول الأمطار في شهر تشرين الأوَّل من دون أن تتحضَّر لأدنى شروط السَّلامة العامَّة؟ وكيف لك أيُّها المواطن أن تسيِّس التحرُّك المدني ليضحي لعبة... أكثر فسادًا من لعبتهم؟!
كتبنا آلاف المقالات عن النُّفايات، وفي كلِّ مرَّة كنَّا نطمح أن تكون هذه المرَّة المرَّة الأخيرة. بيد أنَّنا في لبنان يا عزيزي، وحبُّنا لل"فراغ" في أيِّ مؤسَّسة كان، علاقة قديمة قدم الزمان. فمنذ أشهر وقصَّة النُّفايات عالقة، من إقفال مطمر النَّاعمة وصولًا إلى الحراك "المتدنِّي" واحتلال وزارة البيئة حتَّى غسل الوزير محمَّد المشنوق يديه من الملفّ، وأخيرًا استلام الوزير أكرم شهيِّب العمل على إيجاد حلّ. ما لا شكَّ فيه أنَّ الوزير شهيِّب قد أحرز تقدُّمًا، وإن كان تقدُّمًا بطيئا، وتمكَّن على الأقّلّ من حثِّ الأفرقاء السِّياسيين على المساهمة في إيجاد مطامر. لذلك، كلمة الحقِّ يجب أن تقال، وكلمة الشُّكر يجب أن تقدَّم إلى الوزير شهيِّب!
إنطلاقا من مبادئنا كقوَّات لبنانيَّة، نجد أنَّ الحلَّ الوحيد يكمن في اللَّامركزيَّة الإداريَّة. فمنح البلديات القدرة على التخلُّص من نفاياتها (بالطرق الصِّحيَّة طبعًا)، يسهِّل المهمَّة وينظِّم عمل وزارة البيئة. يجب إذًا على الدَّولة أن تموِّل صناديق البلديَّات، عن طريق مردودات الخلويّ مثلًا، لكي تتمكَّن البلديَّات من التَّعاقد مع شركات متخصِّصة في جمع النّفايات ومعالجتها، أو لكي تنشىء مطامر صحيَّة. الحلُّ بسيط إذًا، بيد أنَّ السُّؤال الذِّي يطرح نفسه هو: من الذِّي يفرض قيودًا على صناديق البلديَّات ومن سيتضرَّر من هذا الحلّ؟ الجواب واضح وضوح الشَّمس...
فلنأمل أن تحمل لنا الأيَّام المقبلة بصيص أمل، وذلك قبل اشتداد الأمطار والعواصف... ولمن يهمُّه الأمر من الحكومة: نعم ستمطر، فاستعجلوا!