سقطت حكومة حزب الله.
الحكومة التي أتى بها حزب الله بإنقلابه على إتفاق الدوحة، أطاح بها حزب الله نفسه في الوقت الذي حدد على "اجندته" الخاصة.
لطالما أمد الحزب ميقاتي بل "أوكسيجين" فينعش الحكومة من جديد بتراجع رئيسها عن استقالته في ظروف أصعب من الأسباب التي برر ميقاتي بها إستقالته. لكن هذه المرة الفراغ هو الأنسب للحزب في موضوعي الإنتخابات النيابية وتعين مديراً عاماً للأمن الداخلي.
في الشكل إستقال الرئيس ميقاتي فأنقذ نفسه من نقمة أبناء منطقته وطائفته إن لم يمدد للواء ريفي وحافظ على ما تبقى من ماء وجهه أمام اللبنانيين بإنهاء حياة أفشل حكومة تعاقبة على الحكم في لبنان، حكومة الإضرابات والاعتصامات، التزوير والصفقات، التفجيرات والاغتيالات، الإشكالات والمعارك وإن كانت محدودة في بعض البؤر الأمنية.
أما في المضمون فحزب الله يستكمل انقلابه الأبيض على الدولة اللبنانية، فقوى الأمن الداخلي كانت عرضةً لتهجمات و افتراءات قوى الثامن من اذار، كيف لا وهذه المؤسسة التي يرأسها اللواء أشرف ريفي كانت تكشف مخططاتهم الإجرامية وارتباطاتهم بخارج الحدود بدءًا بالعملاء وصولاً إلى قضية سماحة المملوك .
فمع تقاعد اللواء ريفي أخر الشهر يرى حزب الله انها فرصته ليحكم قبضته على المؤسسة الأمنية التي لا زالت تغرد خارج سيربه، فيصبح -بحسب الخطة المرسومة - اللواء علي الحاج من جديد مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي إن وقعت المؤسسة في الفراغ. هذه الخطة افصح عنها علي الحاج نفسه من خلال اطلالته التلفزيونية لتسويق نفسه زاعماً التمسك بالقانون.
لكن المراجع القانونية تبدد أحلام الحاج وحزب الله حيث أشارت أن اللواء الحاج هو في ملاك وزارة الداخلية وليس في ملاك قوى الأمن الداخلي بموجب المرسوم رقم ١٤٣٦٢. مما سيطرح تساؤلات عن كيفية معالجة أصحاب السلاح هذه العقبة التي ستهب رياحها بغير ما تشتهي سفينتهم.
في سياق أخر يبدو جلياً أن حزب الله وأزلامه العونيين لا يريدون إنتخابات نيابية فكان بند تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات لغماً جديداً إنفجر في الحكومة وفضح المناورات التلفزيونية. فكل هدفهم تأجيل الإنتخابات فيبقى المجلس النيابي بأكثريته المسروقة.
ربما ظن البعض أن في أسوأ الأحوال سيقوم الرئيس ميقاتي في الإعتكاف، لكن بعد الاستقالة كيف سيتصرف الأفرقاء السياسيين في ظل الفراغ وبلأخص كيف ستكون تحركات قوى الرابع عشر من اذار خاصةً إن لعبة الوقت ليست لمصلحتهم بحيث سيستطيع الفريق الأخر تحقيق بعض أهدافهم على الأقل في مسألة تأجيل الإنتخابات النيابية. وماذا سيكون موقف وليد بيك في الاستشارات النيابية فهو لا يزال بيضة القبان فهل سيحسم معركة رئاسة الحكومة إلى جانب ثورة الأرز كما يشتهي أنصاره، أم إن القمصان السود ستلعب دورها عند كل إستحقاق؟؟
في وسط هذا التخبط السياسي والأمني فالأيام القادمة هي وحدها الكفيلة في تظهير صورة المحطة التي سيقف عليها القطار اللبناني.