ظلّوا يقولون لنا "حط إيدك بـمي باردة عنّا مي كتير" حتى "راحت المي الباردة" ولم يبقى لدينا سوى أقل ما قد يكفينا من كمية مياه.
بعد ان كنا نرسم مخططات تبادل بين المياه والبترول بيننا وبين العرب مستغلّين غنائنا المائي الذي اعتبرناه أزلي، أصبحنا نشبههم في فقرنا المائي.
فلم يعد لبنان البلد الأخضر صاحب الأرض المشبعة مياه وعافية، فالإهمال قد أودى بنا وقتل أجمل ما في أرضنا وبدلاً من التحرّك السريع قبل فوات الأوان إلّا أنّ المعنيين ظلوا مكتوفي الأيدي يتفرجون على بلدنا وهو يحتضر.
أكّد تقرير وزارة البيئة حول تغيير المناخ أن لبنان سيواجه نقصاً متفاقماً بالموارد المائية، كما سيشهد تفاقماً في تلوث الآبار الساحلية بالمياه المالحة، ويتوقّع نقصاً في المياه يتراوح بين 250- 800 مليون متر مكعّب سنوياً بحلول سنة 2015.
كما يتوقّع التقرير ارتفاع معدل درجات الحرارة وإنخفاض التساقطات بين 10 إلى 20 بالمئة بحلول عام 2040،
مما يؤدي إلى تغيّر في المحاصيل الزراعية، وزيادة في طلب الري بسبّب مزيداً في نقص المياه، ما سيهدّد الأمن الغذائي، فضلاً عن اختفاء بعض أنواع النباتات وتعرّض غابات الأرز التاريخية للتهديد بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
.png)
وأكّدت معلومات وزارة الطاقة والمياه إلى تراجع نسبة الثلوج المتساقطة وذوبانها خلال فترة قصيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، إذ كانت الثلوج تبقى عادة لفترة شهر إلى شهرين قبل أن تتحول إلى مياه.
وقد سمعنا جميعنا مؤخراً عن خطة الـ"بلو غولد" وعنها يقول المدير التنفيذي للمشروع زياد الصايغ:
إنها خطة متعلقة بإدارة المياه في لبنان. اجتمع 40 خبيراً من كل قطاعات المياه العامة والخاصة، والقطاع الأكاديمي، ووضعوا خطة متكاملة تحت عنوان "الذهب الأزرق"، تقع في 400 صفحة، وتتضمن دراسة مسحيّة لكل الدراسات التي وضعت عن المياه في لبنان منذ 1890 حتى اليوم.
وتقوم هذه الخطة على ثلاث خمسات، أي خمس سنوات لتنفيذها بين 2015 و2020، وخمس مليارات دولارات ممولة من القطاع الخاص من دون خصخصة المياه، وتأمين 500 مليون متر مكعب مياه إضافي، وكل ذلك بالشراكة. وبهذه الطريقة، لا تكتفي الخطة بتأمين المياه على مدار الساعة، إنما نوازن بين العرض والطلب".
فكمية الأمطار التي تهطل على لبنان تقدر بسبعة مليارات متر مكعب سنوياً، يستعمل منها لبنان 17 في المائة فقط، فيما الباقي يذهب هدراً. وهناك سدان فقط يعملان بشكل جزئي، أما شبكات المياه فتهدر 48 في المائة من المياه، في الوقت الذي تبلغ كلفة الأمراض المتعلقة بالمياه الملوثة 160 مليون دولار من القيمة الإجمالية للكلفة الاستشفائية السنوية والبالغة 800 مليون دولار.

وإلى كل ما سبق، فإن العجز في المياه في 2010 بلغ 73 مليون متر مكعب، وسيصل إلى 880 مليون في 2020، إذا لم نستدرك الأمر. الخطة تقضي بزيادة كمية المياه إلى مليار متر مكعب في 2030.
فنحن ننتظر أي تحرّك قد ينقذنا وينقذ مستقبل بلادنا من الغرق ولكن هذه المرّة من نوع آخر... غرق من دون مياه