من رومية إلى كل لبنان
تحقيق FEB 18, 2014
سجن رومية مسمى على إسم المنطقة التي يوجد فيها، هو أكبر السجون اللبنانية، تمّ بناؤه في أواخر ستينات القرن العشرين، وقد افتُتح في العام 1970، تبلغ طاقة استيعابه 1500 سجين إلّا أنّ هذا العدد قد زاد حتّى بلغ أكثر من 5500 سجين في العام 2008.

أقام فيه أربعة من كبار الضباط الموقوفين على ذمة التحقيق في اغتيال رفيق الحريري، لكنّهم خرجوا ببرائة سنة 2009، وعناصر من منظمة فتح الإسلام.هذا السجن يحتاج إلى الكثير من التحسينات، تخفيف عدد السجناء وذلك بنقل الفائض إلى سجن يتّسع لهم، بالتالي فإنّ عدد لا بأس به من السجناء ومن بينهم محكومي فتح الاسلام، ما زالوا بانتظار محاكمتهم.شهد سجن رومية تمردا عام 1998 وآخر تمرد جرى في أبريل 2008. في 15 أغسطس 2012 أثناء الثورة السورية 2011-2012 قام السجناء اللبنانيون في رومية باحتجاز السجناء السوريين.

جاء في كتاب، عمر نشابة: سجن رومية: إن حكى

     "بيقولوا السجن للإصلاح وإعادة التأهيل، بس منو هيك. كنت متورّط بالمخدّرات. حطوني مع ناس بيسرقوا وبينشلوا متخصّصين بسرقة البيوت والخزنات والسيارات، ومع ناس شغلتن القتل والإرهاب. قبل سجني كنت أعرف عن المخدّرات والتعاطي والترويج والتهريب، بس اليوم، بعرف أكثر من هيك بكثير، تعلمت كيف أسرق سيارات مرسيدس لأن في واحد متخصص بالمرسيدس. خبّرنا عن المفاتيح وكيف كل نوع إلو طريقة. وأنا بدوري خبرتن عن الكوكايين والفريباي."
 

يضمّ سجن رومية كافة أنواع المجرمين، من مروّجي المخدّرات، إلى الارهابيين واللصوص... جميعهم بحاجة إلى إعادة تأهيل وإلى تحسين أوضاعهم داخل السجن، فهل من يسأل؟

وحدهم السجناء دارين بسوء الحالة، وحدهم يتمرّدون على الواقع، وحدهم يشعلون الثورة من وراء جدران الظلام، فقد شهد هذا السجن في السنوات الاخيرة اعمال تمرد وشغب كثيرة في داخله، ويعود السبب في ذلك إلى سوء أحوال السجون اللبنانية نفسها. فواقع سجن رومية لا يختلف عن الأوضاع المزرية في سائر السّجون في لبنان والتي لا تصلح بيئتها لحياة بشرية، في ظلّ انتشار روائح العفن والرطوبة في زنزاناتها... إلى جانب الاكتظاظ المخيف، فبينما يتعدى عدد السجناء في سجن رومية الخمسة آلاف، تُختصر قدرته الاستيعابية بـ 1500 سجين، ما يُترجَم على أرض الواقع انتهاكاً فاضحاً للخصوصيّة الفرديَة ومرتعاً خصباً لتوالد الأمراض وانتقال العدوى.
 

سجن رومية الصغير يجاري وطن السجن الكبير في كل شيء، يستنسخه بأدق تفاصيله، ظلم، رشاوى، محسوبيات، إفتراء، سياسة، إهمال، سمها ما شئت، كلها في رومية، إن كان العدد الأكبر من اهل السياسة في لبنان السجن الكبير كذابين منافقين بالمطلق، ضاربين عرض الحائط بمصلحة الوطن ككل، ما الذي سيدفعهم الى الإهتمام بزاروب ضيق إسمه سجن رومية؟ لاشيء، اللهم إلا ان تبين لهم لاحقاً ان سجن رومية يقبع فوق مغارة من الذهب السياسي الخالص يمكن إستخدامه في الإستعراض التلفزيوني او إدعاء الإنتصار.
 
ببساطة إنّ وضع السجناء في رومية بخطر وهو ميؤوسٌ منه، ليس في رومية مستشفى تعالج الأمراض العصبية، بل بيئة تودي بألمع العقول الى مس الجنون، تدخل إلى رومية بتهمة السرقة، تخرج بعدها تاجراً للمخدّرات، يودعونك في رومية كي تُعالج من الادمان فتخرج ميتاً، سجن رومية ليس للعلاج، المدمن والمصاب بعوارض نفسية مكانه المستشفى، لا السجن، مرتكبي الحماقات الصبيانية لا يختلطون مع تجار المخدرات والقتلة حتى لاينهلون الإجرام ثقافة حياة!!
 

 
رومية سجن صغير، داخل سجن أكبر، نزلاءه يطويهم النسيان، لماذا؟ لان المحكمة الدولية اهم منهم ومن معاناتهم، ولأن الكرامة الوطنية تختصر حصراً بكلاشنكوف المقاومة… إن وضع السجون في لبنان، من بينها سجن رومية، لا يتطابق أبدا مع حقوق الإنسان، ومما لا جدال حوله، أن السجون اللبنانية بحالتها الراهنة، تنظيماً وواقعاً، بحاجة لإعادة نظر شاملة وجذرية، نظراً لحالة التردي التي تعانيها في مختلف المجالات. 
تحقيق FEB 18, 2014
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد