معراب حارسة الجمهورية
الموقف JAN 20, 2016
قبل ذلك الحدث "التاريخي" في 18 كانون الثاني 2016، كان "الحلف الثلاثي" هو الحدث الأبرز الذي يضرب به المثل على توحد المسيحيين واتفاقهم على ترشيح سليمان فرنجية الجد لكي يتمنكوا من ايصال رئيس يؤمن بتطلعاتهم. في ذلك الوقت لم يكن فرنجية ضمن الاقطاب المسيحيين الثلاثة، بل اتفقوا جميعهم على ترشيحه كمرشح توافقي بينهم.
 
لكن بعدما حصلت "مبادرة معراب"، وقام "حارس الجمهورية" د. سمير جعجع بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، لن يبقى لمثل "الحلف الثلاثي" اي عبرة بوجه العبرة الجوهرية التي قدمها الحكيم، وأعطى مفهوماً جديداً للتضحية في السياسة لم يعتد عليها مجتمعنا اللبناني. هذه الخطوة دلت إلى أن "القوات اللبنانية" مستعدة في كافة الأوقات لتقديم التضحيات لمصلحة الجمهورية ومصلحة المسيحيين. فجعجع وعون لم يتفقا على ثالث يوصلونه الى بعبدا، بل "تنازل" الحكيم عن ترشيحه، وعن ترشيحه فقط، لمصلحة عون بمبادرة ستحفر في ذاكرة وجداننا.
 
بكل بساطة انه سمير جعجع، الناسك المتواضع المترفع عن المناصب والمتمسك بمبادئه ووفائه لكل قطرة دم وكل نقطة عرق بذلت في مسيرة "القوات" النضالية. انه حارس الجمهورية الذي لا ينعس ولا يهدأ ولا يساوم، وشغله الشاغل تأمين مصلحة وطنه ومجتمعه. من يعرف سمير جعجع جيداً لم تفاجئه هذه الخطوة، بل يعرف جيداً هذا القائد الذي بذل 11 سنة من عمره في سبيل قضيته، ويعرف أنه لن يبخل بالتنازل عن منصب اذا كان يخدم هذه القضية. لكن ذلك الزمن الأسود شوّه صورته في أذهان البعض الذي اعتقد فعلاً أن سمير جعجع مجرم يستحق العقاب. أما في 18 كانون الثاني فقد أثبت هذا الحارس أنّ شغله الشاغل هو الجمهورية وفقط الجمهورية، وخلال مسيرته السياسة لم يسع يوماً لمنفعة خاصة.
 
نعم تنازل الحكيم، بأرقى نوع من أنواع التنازل. تنازل عن وصول شخصه الى الرئاسة، لكنه لم يتنازل عن حرف واحد من مبادئه ومشروعه اللذين تجسدا بالنقاط العشرة التي تلاها على مسمع الحاضرين في معراب والتي كانت المنطلق الوحيد لترشيح العماد عون... فحبّذا لو أنّ  التنازلات كلها في وطني تشبه هذا التنازل.
 
مقر الحراس سيبقى حارس الجمهورية، وقد أصبحت صخرة معراب الأرض الصلبة التي ستبنى عليها الجمهورية القوية، وأي جمهورية لا تبنى على هذه الصخرة ستكون جمهورية واهية قائمة على الرمال.
 
اما الآن فتقع المسؤولية على كل مؤمن بهذه الجمهورية، بأن يلاقي هذه المبادرة بإيجابية ويقرأ جيداً النقاط التي تليت في معراب والتي ستشكل نقاط ارتكاز عهد المرشح الجديد. وأصبح من شبه المستحيل تخطي هذا الواقع الجديد الراسخ والمنفتح على الفرقاء جميعهم، فالغوص في المناكفات السياسية الضيقة سيدخلنا من جديد في دوامة فراغ لا يتحمل مسؤوليتها سوى أصحاب المنفعة الشخصية وقصيري النظر.
الموقف JAN 20, 2016
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد