يمرّ العالم العربي اليوم بكثير من التقلّبات والتغييرات على جميع الأصعدة، والعبرة تُستخلص أنّه مهما استبدّ الطغاة وكلّلوا الظلم والاستبداد على عروشهم، سيرحلون وفي مزبلة التاريخ يغرقون، حتّى يوم المحاسبة يُهرقون. وهذا الكلام لا يأتي عن سابق عهد وتحليل وإنّما تبيّن ذلك في الثورات العربيّة كما في تونس، ليبيا، مصر... وقريباً في سوريا الّتي تعيش بين صراعَي التحرّر والخضوع.
إنّ جماعات إرهابيّة لبنانيّة عجيبةٌ جبّارة تستبيح بحقوق المواطنين اللبنانيّين كما السوريّين مرسلةً أفراد المقاومة الوهميّة إلى سوريا لخرق إرادة الشعب السوري والتمديد لولاية الطاغية الساقطة في الغد القريب. وعلى هذا الصعيد ليس لنا سوى طرح تساؤل وهو بأيّ حقٍّ يتحكّم هؤلاء بإرادة الشعب السوري؟ باسم أيّ دينٍ يتحجّجون اليوم؟ الحقيقة هي أنّه سئم الجميع حججكم وأكاذيبكم، لأنّ عمالاتكم، أفعالكم وجرائمكم لا تحتاج لا إلى مبرّرات، ولا لتغليطٍ أو تضليل.
هذا ما تبيّن بعد تفجيري الضاحية، وما تبعهما من خلل وعدم توازن في الداخل الأصفر، بدءاً من سياسة الأمن الذاتي وإقامة الحواجز الّتي بيّنت أنّ سياسة الأمن الذاتي باطلة، فمهما تفاخر الخارجون عن القانون يعودون في النهاية إلى الدولة ويطالبون بمساندة من الجيش اللّبناني لهم على الحواجز، من هنا تَوَلّدت أحداث بعلبك بالأمس وسقط فيها قتلى. نعم سيتحمّل مناصري حزب الله أفعالهم وحواجزهم وإنّما ما يقومون به من خرق لأمن البلاد ليس بمقبول وعلى الدولة اللّبنانيّة وضع حدٍّ للتجاوزات الّتي يقوم بها الحزب الإرهابي.
إذاً تلك هي عواقب سياسة الأمن الذاتي ومن يريد استكماله، فليتحمّل تأثيراته، ومن يصرّ على الاستمرار بالتحكّم في الشؤون الداخليّة وتوجيه سلاحه عبر الداخل، وإقامة الحواجز الأمنيّة، قتل الناس وخطف المواطنين، سيّاراتهم، وممتلكاتهم، فليتقبّل واقع فشله وعواقب أعماله الّتي لا تردي إلّا بالخطر عليه وعلى مناطقه.
على الفرقاء اللّينانيّن تمييز الواقع من الضرورة، والواقع هو أنّ سلاح حزب الله هو العقبة الأساسيّة لتشكيل الحكومة، فكيف يمكن تشكيلها وأحد الفرقاء يملك سلاحاً مُخضع للجميع؟ سلاح أدّى إلى الولادة السرطانية لسياسة الأمن الذاتي المماثلة لشريعة الغاب الّتي ما نجحت يوماً في أيّ بقعة من الأرض. أمّا الضرورة فهي تشكيل حكومة ليس لها صلة بالترهيب، غير خاضعة لإرادة الأقليّة وفقط الأقليّة التي تستغيث بالسلاح لفرض شروطها. بأي حقٍّ يتربّع وزراء الألوان في الوزارات ويصرفون من شاؤوا ومتى شاؤوا؟ ولماذا الانقطاع المستمر في التيّار الكهربائي، على الرغم من وجود باخرتين، هما باخرتان للكهرباء وليستا للسياحة، السياحة الّتي أزالها الإرهاب الأصفر عن خارطة وطننا من خلال خطف السياح الأجانب من طريق المطار، ومنع إقامة المهرجانات في بعلبك مثلاً، وتحوير كلام الفنّانات اللّبنانيّات آخرها مع إليسا والسيّدة ماجدة الرومي. بذلك يتبيّن لنا أنّهم يلعبون آخر أوراقهم بعدما توضّح فشل سياسة الأمن الذاتي، والإفلاس بالقيم والأخلاق إضافةً إلى السياسة.
نناشد المعنيّين احترام لبنان: دولةً وشعباً وجيشاً والولاء له أوّلاً وآخراً، فالجيش اللّبناني كان وسيبقى الضامن الوحيد للاستقلال والاستقرار، ومُحيي الديمقراطيّة وفقط الديمقراطيّة- لا الهيمنة والترهيب. لقد سئم اللّبنانيّون من اللّا شرعيّة والعصابات المنتشرة بين المواطنين السلميّين، على هؤلاء الإقتناع بأنّهم لا يستطيعون إلغاء الجميع، لربّما استطاعوا مزج اللّون اليرتقالي مع الأصفر وإنّما لن يتمكّنوا من ذلك مع باقي اللّبنانيّين.
ختاماً نريد تشكيل حكومة ضامنة للوجود ولحقوق جميع اللّبنانيّين دون تمييز بين مواطن وآخر، دون تقسيم المواطنين بين فئة درجة أولى وفئة درجة ثانية، دون تعيينات غير عادلة على حساب مذهبٍ أم دين، نريد محاكمة عادلة للعصابات، نريد استرجاع حقوقنا وحقوق الموظّفين في الدوائر الحكوميّة والعامّة، فلتُشَكّل الحكومة وليرحل وزراء العتمة والفشل والخضوع.