قانون حماية النساء من العنف الأسري... هل يبصر النور في دولة تحكمها الطوائف والمذاهب؟
تحقيق JUN 05, 2012

للعنف ضد المرأة نطاقان يتكاملان. نطاق عام يمارس العنف فيه عبر مجموعة من القوانين والمفاهيم الثقافية والسياسية والاقتصادية، وآخر خاص أي داخل الأسرة. يتكاملان بمعنى أن الواحد منهما امتداد للآخر، مثلا القوانين التي تميز ضد المرأة إقتصاديا تنبع من النظرة إلى دورها التقليدي داخل الأسرة كمدبّرة لا كمعيلة لذلك تحرم من حقها في ضمان أطفالها صحيا إلا إذا كان زوجها مقعد أو متوفّ وغيره...




لكن اليوم العديد من جمعيات المجتمع المدني أخذت على عاتقها تقديم مشروع "قانون حماية النساء من العنف الأسري" في لبنان.

من هنا سؤال يطرح نفسه إزاء التعديلات التي أدخلت على المشروع المذكور الذي تقدمت به الجمعيات المدنيّة عام 2009 الى مجلس الوزراء الذي أحاله الى اللجنة النيابيّة الفرعيّة المختصة بدراسته.

من هنا لم يعد مقبولاً غياب هكذا قانون في دولة نصت مقدمة دستورها على "أن لبنان عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتجسد الدولة هذه في جميع الحقوق والمجالات دون إستثناء". كما أكدت المادة السابعة من الدستور ان اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون أي تفرقة بين جنس أو دين.




من هنا لم يعد جائزاّ التأخر بإقرار القانون المذكور فنحن دولة قد وقعّت على إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والتي إنضم اليها لبنان في العام 1996 والتي تشدد على إتخاذ جميع التدابير المناسبة لها في ذلك التشريع، لتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزاً ضد المرأة؟

كلها أسئلة تتبادر الى الأذهان ولكن دون الوصول الى أجوبة مقنعة. فهذا القانون يشهد تأخيراً بإصداره نظراً للإختلافات في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة النيابية الفرعية ومع الجمعيات المدنية التي أعطت ملاحظتها على التعديلات التي أدخلت عليه.

والباب الثالث من هذا القانون يتعلق بحماية الأطفال داخل الأسرة. تبرز إحدى المشاكل إذ إن سنّ الحضانة يختلف بين مذهب وآخر ضمن الطائفة الواحدة، فما من قانون أحوال شخصيّة واحد في لبنان، وكل قانون يعالج المشكلة من منظار معين وبطريقة مختلفة.

مداخلة النائب شانت جنجنيان عضو تكتل القوات اللبنانية

وللإضطلاع أكثر حول ما وصلت إليه اللجنة النيابيّة المولجة دراسته، كان لعضوّ اللجنة الفرعية النائب شانت جنجنيان مداخلة خاصة لموقعنا، حيث أكد:"أن هذا المشروع بحاجة الى المزيد من التدقيق والدراسة خاصة ً إن بعض القوى السياسيّة لا زالت تطالب بذلك، خاصةً بعد صدور قانون حماية الأحداث والذي نتج عن تطبيقه تعارض كبير بين أحكامه وأحكام بعض قوانين الأحوال الشخصية المطبقة في لبنان."



ورأى جنجنيان :" ان الدافع وراء تعديل بعض مواد هذا القانون هو دافع مذهبي وغير واقعي وغير قابل للتنفيذ ويفتقر الى الموضوعية والعدالة التي على أساسها تقام القوانين والتشريعات."

مع العلم أن إحدى النقاط الخلافية تتجلى بإسم القانون الذي إستبدلته اللجنة النيابية الفرعية بقانون الحماية من العنف الأسري. (المادة 1) والذي اعتبرته الجمعيات المدنية إفراغاً للقانون من الغرض الأساسي الذي صيغ من أجله وهو حماية النساء. لذلك فهو لم يعد يلبي الأهداف المرجوة منه. إذ أن الرجل ليس بحاجة الى قانون خاص لحمايته. فظاهرة العنف ضد الرجال لا تشكل آفة اجتماعية يفترض التصدي لها خاصة ً مع الإمتيازات القانونية والثقافية التي يتمتع بها وهو في جميع الحالات يستطيع اللجوء الى القانون العام.

إضافة ً إلى إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 18 من القانون عينه :"الزام المدعى عليه الخضوع لجلسات تأهيل من العنف في مراكز متخصصة".

والدافع الثاني هو محاولة الإبقاء على الصبغة الطائفية للقوانين دون السعيّ البنّاء لإعطائها الصفة المدنية.



كذلك المادة 25 منه نصت على أنه " في حال تعارض الأحكام الواردة في هذا القانون مع أحكام قوانين الأحوال الشخصية وقواعد إختصاص المحاكم الشرعية والروحية والمذهبية تطبق أحكام الأخيرة بكل موضوع."

وقد أوضح جنجنيان: "أن احدى المواضيع الخلافية على سبيل المثال هو "آمر الحماية" الذي يتعلق بحماية الأطفال داخل الأسرة، فقد إعتبر أن المشكلة الأساسية تكمن في التعريفات المختلفة التي تفرضها الطوائف والمذاهب في هذا الخصوص وإنطلاقاً من ذلك نشدد على إن الصفة المدنية التي يجب أن تصبغ القوانين والتشريعات هي الحل الأنسب نظراً لإستحالة التوفيق بين أحكام المحاكم الروحية والشرعية وتلك القوانين والاّسوف نبقى ندور في دوامة لا نهاية لها."

وقد علقّت احدى الجمعيات المدنية في نفس السياق معتبرة ان قانون الأحوال الشخصية ينطوي على تمييز واضح بحق النساء، ويبقى السؤال في ختام هذا التحقيق حول مهمة هذا القانون وإن كانت تكرس التمييز وتوسعه؟
 
 
تحقيق JUN 05, 2012
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد