تكثر القوانين في بلادي ويغيب العمل. هذه هي الحال منذ عقود لدرجة أصبح فيها تطبيق القوانين مزحة يتداولها اللُّبنانيّون كونهم يعلمون مسبقًا أنَّ هذه الكلمات ستبقى حبرًا على ورق. فيشرِّع مجلسنا "الكريم" قوانين شتَّى ثمَّ يرميها في أدراجه المهترئة ويتركها طيّ النِّسيان والاهمال. وشتَّان بين الاهمال والاهمال المتعمَّد!
قانون جديد يضاف إلى سلسة القوانين اللُّبنانيّة علمًا أنَّه ليس بقديم فقد صدر قانون السَّير رقم 243 بتاريخ 22/10/2012 وقد اتُّخذ القرار بالبدء بتطبيقه جديًّا مع نهاية العام 2014 وسيدخل فعليًّا حيِّز التَّنفيذ في شهر نيسان/أبريل من العام 2015. يتناول هذا القانون بنودًا عديدةً من شأنها أن تساهم في خفض أعداد ضحايا حوادث السَّير التّي تخطَّت المقبول في العام 2014. من أبرز المواضيع التّي يسلِّط هذا القانون الضَّوء عليها، نذكر ما يأتي: أوَّلًا، تفعيل دور الرَّادارات على الطرقات لضبط السُّرعة، وفي هذا السِّياق يشير المقدَّم جوزف مسلِّم، رئيس شعبة العلاقات العامَّة في قوى الأمن الدَّاخليّ، إلى أنَّ الغرامات المفروضة حاليًّا تتَّبع قانون السَّير القديم أي قانون عام 1967 وسيباشر العمل بالغرامات الجديدة مع بداية شهر نيسان/أبريل. تجدر الإشارة إلى أنَّ السُّرعة المحددَّة هي 100 كلم/ساعة على الاوتوستراد مقابل 50 كلم/ساعة داخل المناطق المأهولة الدَّاخليَّة كما تتراوح الغرامات بين 200 و300 ألف ليرة لبنانيَّة.

ثانيًا،منع التَّحدُّث على الهاتف أثناء القيادة وقد تصل الغرامة المفروضة بسبب هذه المخالفة إلى 450 ألف ليرة لبنانيَّة. عسى أن يساهم ذلك في الحدِّ من ضحايا حوادث السَّير! ثالثًا، تحديد المخالفات التّي يمكن أن تصل عقوبتها إلى السَّجن. وفي هذا الاطار، يشير موقع اليازا (YASA)إلى أنَّ أبرز هذه المخالفات هي: "زيادة السُّرعة أكثر من 60 كلم/ساعة من السُّرعة المسموح بها، قيادة المركبة تحت تأثير المخدَّرات أو الكحول بنسبة تتعدَّى الغرام في الليتر أو رفض الخضوع لفحص الكحول، القيادة المتعرِّجة"between" أو ما يعرف بمناورات السُّرعة بين السَّيارات، سير الدَّراجة الناريَّة على دولاب واحد، وإزالة كاتم الصَّوت عن العادم، قيادة سيارة تحت خانة الأنقاض، قيادة السَّيارة من دون "رخصة"." من جهة ثانية، هناك بعض الأمور البديهيَّة التّي يعاقب عليها هذا القانون مثل عدم وضع حزام الأمان أو التَّنقُّل في سيارة دون ميكانيك أو دون إجازة سوق أو مع إجازة سوق منتهية الصَّلاحية وغيرها...

ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ رأي الشَّارع اللُّبنانيّ منقسم حول امكانيَّة تطبيق هذا القانون ومدى فعاليَّته إذ تكثر الآراء المؤيّدة له خصوصًا أنَّ اللُّبنانيين وجدوا فيه أملا لحماية أبنائهم من المصير الأسود الذّي يمكن أن ينتظرهم على طرقاتنا. ففحين تؤكِّد "اليازا" على لسان أمين سرِّها في مقابلة لموقع 14 آذار أنَّ "هناك نقصًا من جانب الدَّولة خصوصًا من جانب الوزارات المعنيَّة مباشرة بالموضوع كوزارة الماليَّة التّي لم تطبع بعد الطَّوابع الخاصَّة بالغرامات أو وزارة الأشغال العامَّة والنَّقل أو حتّى وزارة التَّربية"، أشارت نقابة مكاتب السَّوق رفضها للقانون في بيان اصدرته مؤخَّراً حيث أشارت إلى ما يأتي: "من غير الممكن تنفيذ القوانين بشكل مجتزأ وتجريبيّ ما يؤدِّي الى قيام نقمة شعبيّة، أقلُّها في إستعمال رادارات مراقبة السُّرعة ومخالفة تطبيق أصول إستعمالها وعدم إبلاغ المخالفين في السُّرعات المخالفة إلّا بعد حين، وذلك بعد غياب إشارات السَّير المانعة والظَّاهرة على الطرق وعدم وجود إشارات لرادارات مراقبة السُّرعة ما يؤدِّي الى إصطياد السَّائقين ووقوعهم في الفخّ، وهي طريقة لا تحمي السَّائقين. وقد غاب فيها حقٌّ من حقوق الإنسان وتخالف أصول قانون الجزاء والعقوبات اللُّبنانيّ، ما يعرِّض ما يقارب المليون محضر ضبط مخالفة السُّرعة الى الطَّعن لدى القانون الإداريّ."
بعد كلِّ ما قيل، لا يسعنا سوى الانتظار لمعرفة ما سيحلُّ بهذا الملَّف الشَّائك نوعًا ما. فالبطبع من المهمّ التشدُّد في تطبيق قانون سير يليق بالدَّولة ولكنَّ السُّؤال هو: هل سيكون حال هذا القانون كحال دولتنا؟!
