بعد حوالي خمسة واربعين عاماً من صدور قانون السير في لبنان العام 1967، وبعد جلسات ونقاشات متقطعة، وُضِعَ قانون السير الجديد الذي واكب أبرز القوانين الحديثة في الدول المتقدمة ويشكل قفزة تشريعية نوعية وعصرية تتماشى مع المواصفات العربية والعالمية.
تكمن أهمية القانون في المبادئ والأسس الجديدة التي ستعتمد ومنها إنشاء قاعدة معلومات Base Data لكل قضايا السير ومخالفاته، ليكون لكل سائل سجل خاص، وكذلك اعتبار رخصة السوق امتيازا مؤقتا يمنح للسائق الملتزم قانون السير، مع الأخذ بمبدأ النقاط المعمول به في العديد من دول العالم.

يتضمن اقتراح القانون 328 مادة أبرزها:
- وضع الشرعة اللبنانية لحقوق المشاة مع ما تضمنته من مبادئ أساسية كالحق في العيش في بيئة صحية، وحرية التمتع بمرافق المساحات العامة، والعيش في مراكز مدنية أو قروية ملائمة لحاجات الإنسان، وليس لحاجات المركبات الآلية وحرية الحركة دون عوائق، والاستخدام المتكامل لوسائل النقل.
ـ إنشاء مدارس خاصة لتعليم السوق واستحداث اختصاص السوق ضمن مناهج التعليم المهني في لبنان.
ـ إعتماد آلية جديدة لمنح رخص السوق حسب أحدث النماذج المعتمدة في العالم، وربطها بمبدأ النقاط وفرض العقوبات. تسري صلاحية رخص السوق الخصوصية لمدة ثماني سنوات قابلة للتجديد 8 سنوات حتى سن ال45 وأربع سنوات حتى سن ال64 وكل سنتين بعد سن ال65.
أما رخص السوق العمومية فتسري صلاحيتها لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد 4 سنوات حتى سن ال45 وسنتين حتى سن ال64 وسنويا بعد سن ال65.
يشترط لمنح كل تأشيرة لرخصة السوق ان يجتاز الطالب امتحانا نظريا وعمليا. ويعين وزير الداخلية والبلديات كل سنة بناء على اقتراح المجلس الوطني للسلامة المرورية، لجنة امتحانات السوق النظري المنوط بها إعداد أسئلة امتحانات السوق النظري الممكن لكل فئة وتطويره، كما يعين كل ستة أشهر، ومتى دعت الحاجة، أعضاء لجان امتحان السوق العملي المنوط بها إجراء الإمتحان.
- اعتماد نموذج موحد للوحات يساوي بين كل المواطنين وفقا لأحكام الدستور ولدواعي السلامة المرورية، وتصدر أرقام اللوحات الجديدة عن برنامج حاسوبي متطور يصدر الرقم بطريقة عشوائية مرة واحدة لكل عملية تسجيل مركبة، ولا تخصص بلوحات وأرقام خاصة سوى سيارة رئاسة الجمهورية (1) ورئاسة مجلس النواب (2) ورئاسة مجلس الوزراء (3). ويحظر صناعة او استيراد او تصدير او تجميع او بيع او تأجير او اقتناء او الدعاية لأجهزة وآلات من شأنها اكتشاف او تشويش او إعاقة عمل أجهزة او معدات او أنظمة تستخدم لضبط مخالفات قوانين السير. يعاقب كل من يخالف أحكام هذه المادة بالسجن مدة سنتين وبغرامة مقدارها ثلاثون مليون ليرة لبنانية.
- انشاء المجلس الوطني للسلامة المرورية الذي يكون برئاسة رئيس مجلس الوزراء وتتمثل فيه العديد من الوزارات والإدارات الرسمية والقطاع الأهلي، وسيكون له الدور البارز في وضع الأطر العملية لتطبيق القانون.
- فرض التأمين الالزامي، الجسدي والمادي، على كافة أنواع المركبات الالية.
- وضع آلية جديدة للبيع بالوكالات، بحيث لا يجوز بيع أو رهن السيارات أو الدراجات الآلية والجرارات الزراعية وجميع المركبات الآلية الخاضعة للتسجيل، إلا لدى الادارة المختصة.
- التشدد في العقوبات على مخالفات السير وربطها بالنقاط الممنوحة للسائق وسجله المروري لكي تكون الرادع الاول في الحد من هذه المخالفات.
- وضع شروط جديدة لاستيراد الدراجات النارية وقيادتها.
اضافة الى العديد من الاحكام التي ترعى قواعد السلامة العامة على الطرقات وشروط المتانة والسلامة المفروضة على المركبات، هذا من جهة.

اما من جهة ثانية، فظهر اعتراض بارز أعلنته العديد من النقابات المهتمة بشؤون السير، وعلى رأسها نقابة مكاتب السوق في لبنان، التي دعت بشدة إلى وقف العمل بالمشروع الجديد، مطالبة بإشراك النقابات المعنية في إعداده. منذ بدء الجلسات النقاشية حول مشروع قانون السير الجديد، كانت نقابة مكاتب السوق من المعترضين، إذ أصدرت العديد من البيانات التي تشرح أسباب اعتراضها، الذي تمحور حول رفض عدم إشراك النقابات المختصة، وإن من الناحية التمثيلية، في صياغة مشروع بهذه الأهمية على صعيد الوطن، وحصر هذا الدور بلجنة فنية مختصصة.
وقد أكد رئيس النقابة السيد حسين غندور أن "معظم المواد الجديدة قد أخذت من دراسات نشرها الموقع الإلكتروني الخاص بالنقابة، وبالتالي فإن ما حدث يعتبر تعديا على الملكية الفكرية لمعدّ هذه الدراسات" .وبحسب غندور يتبين بوضوح" لدى المقارنة مع المواد الجديدة المضافة إلى القانون القديم، وهي مئة مادة وثمانٍ، التشابه بينها وبين الدراسات المنشورة، من ناحية تشكيل هيئة وطنية لشؤون السير والمرور، إنشاء محاكم متخصصة للنظر في مشاكل السير وإنشاء سجل مروري خاص تدوَّن فيه المخالفات، تصاعدالغرامات نسبياً مع المخالفات، تصنيف المخالفات وإعادة توصيفها، ضرورة تعليمالسلامة المرورية في المناهج التربوية، واستعمال كاميرات مراقبة السرعة، وإنشاء مدارس سوق عبر مكاتب السوق"، مؤكدا أن "إلغاء حوالي 350 مكتب يعني القضاء على مستقبل حوالي خمسة آلاف فرد مع عائلاتهم، وبالتالي على عمال مكاتب السوق لدى هيئة إدارة السير والمركبات التي تعتاش من هذا القطاع" .ويعتبر غندور أن "المشروع الجديد لم يقدم حلولا فعالة للتخفيض من نسبة حوادث السير السنوية في لبنان.

وقد قدمت النقابة تصورا لمشروع قانون سير عصري وجديد، عبر مجموعة من المراحل تلخص بالآتي:
ـ تفعيل وتوسيع محاكم السير وتوليها إصدار "سجل مروري" لكل منيحمل إجازة سوق".
- ترحيل كافة مخالفات السير من الفئة الأولى إلى محاكم السير وتسجيلها في "السجل المروري" الخاص بالمخالف.
- ترحيل كافة تقارير حوادث السير إلى محاكم السير وتسجيلها في "السجل المروري" الخاص بأطراف الحادث.
- إعتماد نظام النقاط أو الأرصدة المتعلِّق بالخالفات والحوادث على أن تسحب الإجازة في حال حرق أو استنفاذ الرصيد (15 نقطة)
- وضع "سجل مروري" لكل من يحمل إجازة سوق (شبيه بالسجل العدلي) ويصدر عن محاكم السير لقاء ألفيليرة ( طوابع لتغطية نفقات الكلفة)
- إقتران عملية تأمين السيارة بإبراز نسخة عن "السجل المروري" (للضغط على المخالفين مادياً وقد تصل إلى حد الحرمان من التأمين في حال شكَّل السائق المخالف خطراً على السلامة العامة)
- منع إعادة ترميم مركبة آلية تعرَّضت لحادث من دون وجود تقرير خبير سير على أن يشار إلى إعادة عرضها على المعاينة إن اقتضى الأمر ذلك.
- زيادة رسوم التأمين اطردياً مع المخالفات الواردة في السجل المروري الخاص بالسائق المؤمن.
أما بالنسبة الى التطبيق الفعلي للحدّ من حوادث السير في لبنان، فيجب أن يبدأ من ضمان سلامة الطرقات، التي تشكل السبب الأول لمعظم الحوادث، ودور وزارة الأشغال العامة والنقل من خلال مجموعة من الخطوات الفعلية والجدية لتحسين واقع طرقات لبنان، بدءامن عملية تأهيل وتجهيز الطرق بإشارات السير والمرور، ووضع ضوابط للحد من الحفريات العشوائية على أن يصلحها من قام بها خلال أسبوع، وتغريم الفاعل (أي المتعهد) بتكاليف إعادة الترميم وكل ما ينتج عنه من مخاطر بتكاليف وغرامات مما يجعله مسؤولاً عن الإهمال والتسبب بالوفاة حين حصول الحادث.
اخيراً يبقى السؤال هل سيطبق هذا القانون ام سيبقى حبرًا على ورق؟