نعرف كلنا قصة الأعجوبة التي وقعت في قانا، قرأناها في انجيل يوحنا (2:1-12) حيث كانت الأعجوبة الأولى لسيدنا المسيح حين حول الماء إلى نبيذ.
من هنا أردت أن أتكلم عن هذه البلدة لما تحتوي من حدث مهم بحجمهكذا حدث.
قانا أو قانا الجليل هي قرية لبنانية في محافظة الجنوب قضاء صور، ترتفع حوالى 300م عن سطح البحر يحدها من الشرق دير عامص ومن الشمال عيتنيت، ومن الغرب حناويه اما جنوباً فتحدها صدّيقين، تبلغ مساحتها حوالي 11 كليو متر مربع وعدد سكانها حوالي 20 الف نسمة بين مهاجر ومقيم
.
لماذا قانا الجليل؟
ان بلدة قانا تقع في
"جليل الأمم" الممتد شمالا حتى صور ومنطقتها، وفق المصادر والمراجع التاريخية الموثوقة في مجال تحديد منطقة الجليل لذلك تلازم اسم "قانا" مع"الجليل
".
وعلى سبيل المعلومات فقد نقّب العالم الإيطالي رونكاليا عن موضوع قانا أعواما طويلة في الكتب والمراجع والوثائق لدى مكتبات عامة غربية وجامعات أجنبية عديدة، وتوصَّل الى أدلة وقرائن، وسنة 1956 مشى المسافة من الناصرة الى قانا طوال يوم ونصف اليوم واستشهد بِنَصّ مؤرخ الكنيسة عالِم الطوبوغرافيا والجغرافيا أوزابيوس مطران قيصرية فيلبس الذي أكّد وجود قانا في لبنان
.
ويُثبت رونكاليا في كتابه علاقة الجليل بِجبال لبنان، ونبوءة حزقيال عن مدينة صُوْر التي شفى فيها المسيح بنت الكنعانية (متى 21:15). وضعَ رونكاليا هذا الكتاب بكلّ دراية وروح علمية عميقة متجردة، وهو ليس كتابا دينيّا، بل دراسة علمية موثَّقة لتاريخ لبنان الثقافي والاجتماعي
.
أما على صعيد آخر فإنه ومن بين الآثار الظاهرة في بلدة قانا بالقرب من مقام الجليل، هناك أجران حجرية كالتي يصفها النص الإنجيلي، والتي حوّل المسيح فيها الماء خمرا، ويتناسب حجمها مع سعة الأجران المذكورة في الانجيل، أي مكيالين أو ثلاثةحيث يساوي المكيال 4 ليتر، فتكون السعة ما بين 80 و120 ليترا. وهذه الأجران الحجرية أو الأجاجين التي يبلغ عددها ستة كما يذكر الانجيل، لا تكون عادة داخل البيت لأنه يصعب أن يَتسع لها، وإنما توجد في الساحة العامة ليتوافر للجميع الاستقاء منها.
إن موقع الساحة العامة يتوافق مع ساحة المعبد حيث يجتمع الناس لإقامة الحفلات، ومنها حفلات العرس. ووجود الأجاجين بالقرب من
"مقام الجليل"، المَبني على الأرجح فوق المعبد القديم، يساعد في تحديد المكان الذي جَرت فيه معجزة تحويل الماء خمرا
.
وعلى مسافة لا تتعدى الكيلومترين الى الشمال الغربي من بلدة قانا الجليل، وفي أعلى المنحدر القوي المشرف على وادي قانا (وادي "عاشور") أرض صخرية وعرة على واجهة مجموعة من صخورها نقوش نافرة من صنع يد الانسان وتبرز في هذه النقوش، أشكال أشخاص يبلغ عددهم نحو 35، الى جانب حوالى 18 نصبا، اضافة الى محفورات غير مكتملة، واستطرادا، فإنّ هذه المحفورات لا بد أن يكون لها مدلول رمزي، وبالتحديد مدلول ديني، إذ إن أحد الأشخاص يظهر رافعا يديه الى السماء ضارعا مُبتهلا
.

بالمقابل هناك مغارة قانا الشاهدة أيضا على قدسية لبنان، إذ شهدت الأعجوبة الأولى التي قام بها المسيح، أي تحويل الماء إلى خمر. فثمّة دراسات تؤكد أن هذه المغارة الواقعة في بلدة قانا الجنوبية هي ذاتها قانا الجليل
.
وتقع هذه المغارة على منحدر صخري في الغرب الشمالي للبلدة. وعلى صخرة أمامية منفردة جرى نحت أشكال لمجموعة من الأشخاص يقال إنها تمثّل تلامذة المسيح الإثني عشر. وفي وسط هذه المجموعة التي جرى ترتيبها في شكل صفّ، شخص بارز تحيط هالة برأسه، وبدا رفاقه من اليمين واليسار مختلفي الأحجام، ما يُعزّز الاعتقاد بصوابية النظرة القائلة إنّ قانا الجنوب هي ذاتها قانا الجليل. وخلف هذه المنحوتة، تبرز أشكال أخرى في الجدار الصخري الطبيعي تمثّل أشخاصا جرى التعبير عنهم في شكل أقرب إلى الأيقونات المسيحية
.
وأخيراً لا بد من زيارة قبر الملك حيرام، الملك الذي وصلت صور فى ايامه الى مركز حضاري وتجاري لا يجارى ، وأصبحت "درة البحر الأبيض وسيدة الاوقيانوسات
" والذي دفن قانا.
.jpg)