طرقات الموت في العام 2014
تحقيق JAN 13, 2015
حضَّرت حقائبها، نظَّمت أوراقها ورحلت. رحلت كسابقاتها من دون أن تعود مخلِّفة أضرارًا ومآسي لا تعدُّ ولا تحصى. لن نبكي عليك ولن نرثي رحيلك الذِّي لا طالما أردناه. فأنت يا 2014 حرمتنا البسمة وجعلتنا أشلاء بشريَّة ينبض قلبها ألما.

لن أكون الأولى إذا قلت أنَّ العام 2014 كان من أسوأ الأعوام التِّي تمرُّ على لبنان على مختلف الأصعدة. فمن الفراغ الرِّئاسيِّ إلى التَّفلُّت الأمنيِّ والاشمئزاز الاجتماعيِّ وصولا إلى التَّدهور الاقتصاديِّ في بعض الأحيان. وليست السَّلامة المروريَّة براءًا من هذه الكوارث! فاستنادًا إلى احصاءات قوى الأمن الدَّاخليّ والصَّليب الأحمر اللُّبنانيّ بامكاننا الاستنتاج أنَّ العام 2014 هو من أسوأ الأعوام، إن لم نقل الأسوأ، على صعيد حوادث السَّير. تشير الأرقام الأوليَّة، إذ إنَّ صدور الأرقام النِّهائيَّة الرَّسميَّة يتمُّ في شهر أيار/مايو من كلِّ عام، إلى أنَّ نسبة القتلى من جرَّاء حوادث السَّير هي 558 قتيلا في حين وصل عدد الجرحى إلى 4839 وعدد حوادث السَّير إلى 3527. ومن المتوقَّع أن تسجِّل محافظة جبل لبنان كعادتها النِّسبة الأكبر من حوادث السَّير حيث وصلت نسبتها في العام 2013 إلى 42%. كذلك تسجِّل الفئة العمريِّة الشَّابَّة أيّ المتراوح عمرها بين 15-44 سنة نسبة تتراوح بين 30 و40%. تشير هذه الأرقام المخيفة وغير المكتملة إلى هول الكارثة على صعيد السَّلامة المروريَّة. أمّا الأسباب فحدِّث ولا حرج.
 

لسنا في صدد تبرئة المواطن اللُّبنانيّ من حوادث السَّير النَّاتجة عن السُّرعة الزَّائدة أو القيادة تحت تأثير الكحول أو استخدام الهاتف الخلويّ أثناء القيادة أو جهله إشارات السَّير، لكنّنا نضع النِّقاط على الحروف وبشكلٍ واضح. فمقابل الأسباب "البشريَّة" هناك أسباب "رسميَّة" إذا جاز التَّعبير، ومن أبرز هذه الأسباب نذكر: أوَّلا، غياب اشارات السَّير والاشارات التّي تحدِّد السُّرعة المطلوبة إذ نادرًا ما نجد اشارةً واضحةً خاليةً من رسوم اللُّبنانيين التَّعبيريّة أو موضوعة في مكانٍ علنيّ وليس خلف الأشجار أو لوحات الاعلانات. ثانيًا، الحفر المنتشرة على الطُّرقات والأوتوستراد على حدٍّ سواء والتّي تحطِّم ما تبقَّى من السَّيارات وتفاجىْ السَّائق في بعض الأحيان، خصوصًا في فصل الشِّتاء حين تغمرها المياه فيصبح من الصَّعب ملاحظتها. ثالثًا، الإنارة ليلا والتّي نادرًا ما تتوفَّر على الأوتوستراد مصعِّبة مهمَّة القيادة على السَّائق اللُّبنانيّ. وأخيرًا، غياب شرطيّ السَّير والذّي نراه حاضرًا في معظم الدُّول المتقدِّمة على مختلف الطُّرقات في حين لا نجده في لبنان إلّا صابًّا تركيزه على المحادثات الجانبيَّة والخلويَّة. تجدر الإشارة إلى دور الجمعيَّات كاليازا(YASA)  وكن هادي  (KunHadi)وRoads For Life وغيرها في تنظيم حملات التَّوعية في المدارس والجامعات بهدف حثِّ الشَّباب على الانتباه وعدم التَّهوُّر أثناء القيادة. 

لم تنشف دموع أحبَّاء نانسي وجورج وجو وايلي وغيرهم بعد... لا تزال الجراح مثخنة والغصَّة كبيرة. شبابنا يموتون على الطُّرقات وما من مجيب. أمهاتنا تعبوا من الأسود وما من يفهم. آباؤنا هزمهم القدر وما من ضمير يستجيب...
 

هذه هي حالنا في لبنان وبئس حالنا! أحدث تغيير على هذا الصَّعيد يتمثًّل اليوم بقانون السَّير الجديد الذّي من المتوقَّع أن يبدأ تطبيقه وبشكلٍ صارم وفعَّال مع انطلاقة العام 2015. بين معترض ومؤيِّد ينقسم رأي الشَّارع اللُّبنانيّ خصوصًا أنَّ العقوبات وفقًا للقانون الجديد تصل إلى السَّجن فضلا عن دفع غرامات ماليَّة كبيرة. فعسى أن يكون هذا القانون صفحةً بيضاء في تاريخ السَّلامة المروريَّة اللُّبنانيّ الأسود وانتظروا تقريرا كاملا وبالأرقام الرسميَّة الكاملة عن حوادث السَّير على موقعنا خلال شهر أيار. 
تحقيق JAN 13, 2015
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد