في الثالث والعشرون من آذار من عام ١٩٩٤، حل حزب القوات اللبنانية بقرار من النظام السوري وتداعى القرار حتى اعتقل قائد القوات الدكتور سمير جعجع في محاولة لإلغاء المقاومة السياسية التي يقودها. لم تعهد القوات بعد أن انتقلت من النشاط العسكري المقاوم إلى المعترك السياسي أياماً سوداء كتلك التي حملها ذاك العام: فمنذ بدايته، تسارعت أحداث الظلم والترويع مع إعتقال العديد من الرفاق، مروراً بإلصاق جريمة تفجير كنيسة سيدة النجاة بها، إلى حل الحزب في الثالث والعشرون من آذار وصولاً إلى إعتقال قائد القوات.
غفل عن ساسة ذاك الزمن البائس أن القوات حركة انسيابية مع تاريخها وشعبها، انطلقت مع أبيها مار يوحنا مارون وتجذرت في النفوس قبل النصوص والدليل الساطع القاطع أن إحد عشر عاماً من الإعتقال والتنكيل والتضييق لم تزعزع إيمان القواتيين بقضيتهم ولو قيد أنملة. ازدادوا قوة و إرادة وعزم واستمدوا من زنزانة قائدهم رجاءً، فكانوا يعملون بتوجيهاته التي كانت تنقلها اليهم رفيقة دربه ستريدا جعجع،فحملوا المشعل و قادوا العمل السياسي المقاوم ببركة غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، فأصبحت قضية الحزب ورئيسه قضية وطنية بإمتياز تعني جميع الأحرار.
عام ٢٠٠٥ أبصر القواتيون نور الحرية يشع من زنزانة القائد.يومها سقطت السلاسل أرضاً وخرج القائد من معتقله لتخرج معه الحرية إلى الحرية.
عندما قال الدكتور جعجع" "هلق بلش الجد" -كما اعتاد أن يقول على عتبة كل إستحقاق- لاقاه الرفاق سريعاً بإندفاع أبناء ألحق والحقيقة فأصبحت القوات سريعاً حزباً رائداً في لبنان والمنطقة، وكان أخر الثمار شرعة الحزب ونظامه الداخلي وإطلاق عملية الإنتساب للحزب.
يوم حلت القوات، لم يتوقع أحد، حتى ميشال سماحة الذي قرأ بيان حل الحزب وهو اليوم قابع بالسجن بتهمة الإرهاب، أن يكون لها في الغد قيامة. ها هي اليوم تقود مشروع بناء الدولة والمؤسسات الذي إستشهد لاجله الألاف وعلى رأسهم مؤسسها الرئيس الشهيد بشير الجميل. اليوم، يحمل الحزب الذي كان قد حل قبل واحد وعشرون عاماً رئيسه ليخوض معركة رئاسة الجمهورية، والعيون شاخصة إليه، هو الذي رفع شعار الجمهوية القوية التي حارب وسالم وإعتقل وناضل لأجلها. لم ينس يوماً رفاقاً له، وللقضية، استشهدوا كي نبقى نحن وتبقى لنا الحرية. وهم بالتأكيد، من عليائهم، راقدون بأمان وسلام متأكدون أنهم خالدون، كقضيتهم، في الوجدان والضمير والافعال، لتبقى القوات اللبنانية.