منذ الحرب الُّلبنانيَّة ولبنان يشهد تفلُّتا أمنيًّا كبيرًا، ولكن ما نشهده اليوم هو أخطر ممَّا واجهه لبنان من حروب وصعوبات. إذ حينها، كان يدرك الجميع الأماكن السَّاخنة التِّي تواجه اشتباكات كبيرة، أمَّا اليوم فلا أحد يدرك أين ومتى ستقع جريمة سرقة أو خطف أو قتل أو ما شابه!
إنَّ عدم الإمساك بالأمن والتَّراخي مع الخارجين عن القانون أصبح يشجِّع على الجرائم. إذ، حين يرتكب أيَّاً كان جريمة قتل أو يرفع فلان سلاحه مهدِّدًا وما من أحد يسأل أو يُسائل، فهذا يدفع "بالزُّعران" وبغيرهم إلى الاستمرار بالقيام بكلِّ هذه التَّجاوزات كما يساهم في ازدياد الجرائم بشكلٍ كبير.
لم تسلم المظاهرات السِّلميَّة من هذه التَّجاوزات فساهم التَّراخي مع المرتكبين في نشر الفوضى بين المتظاهرين من خلال ضرب القوى الأمنيَّة ورميهم بالقنابل. هؤلاء الأشخاص معروفو الهويَّة والانتماء، وما من أحد يسأل أو يحاسب! فمن يرى هؤلاء الرُّعاع يعتدون على القوى الأمنية مكشوفي الوجه من دون حسيب أو رقيب، سيندفع بنفسه إلى الاستقواء على المواطنين "العاديين". وإذا صار التعدِّي على القوى الأمنية مباحا فما الذِّي يمنع مواطنو الدّرجة الأولى من التَّعدِّي على مواطني الدَّرجة الثَّانية ؟!
لقد أصبح هذا الوضع، وللأسف، مقرفًا. فالبلد من دون رأس، لذلك سيبقى على ما هو عليه: يحكمه الزّعران، ومهربو المخدِّرات والأدوية الفاسدة، ورؤساء الميليشيات التِّي تترأس الَّلوائح السَّوداء في أهمِّ دول العالم !
ثمَّ، ولكي يصبح الوطن وطنًا بكلِّ ما للكلمة من معنى، يجب أن يحكمه حكيم لا محكوم! قائد لا مأمور! فهذا الوطن الذِّي يحسده الجميع، يجب أن يحكمه من يدرك كيفيَّة قيادته، وبالتَّالي يجب أن يحكمه من يستطيع أن يمسك بالأمن وأن يمنع كلَّ التَّجاوزات. ومن قادر على ذلك إلاّ من فعلها حين دقَّ النَّفير؟!
ما من حلٍّ إذًا لأزمة التفلُّت الأمنيّ أو لأزمة النّفايات أو لأيِّ أزمة قبل انتخاب رئيس قويّ يحكم بضمير وصلابة، فينزع السِّلاح المتفلِّت ويضبط الخارجين عن القانون لينعم أبناء هذا الوطن بالسَّلام !