"وحياة يلِّي راحوا ويلِّي صاروا الحنين... وحياتك يا أرضي ويا شعبي الحزين" سنظلُّ نطالب بالحقيقة حتَّى الرَّمق الأخير.
بصوتها الفيروزيِّ الخلاَّب أنشدت فيروز نشيد الوفاء والعنفوان; الوفاء لمن رحلوا لكي نبقى، أحياء بالكرامة التِّي غرسوها فينا. فنحن اليوم،وبعد مرور خمس سنوات على الجرائم المروِّعة التِّي هزَّت الوجود اللُّبنانيِّ، نشهد على ولادة قيصريَّة للعدالة التِّي ستنجلي آفاقها، عاجلا أو آجلا. وها نحن نتابع يوميًّا عبر شاشات التَّلفزة وقائع المحكمة الدَّوليَّة التِّي تُعقد في لاهاي وننتظر أن تتوضَّح صورة اغتيال الرَّئيس الشَّهيد رفيق الحريري ورفاقه، عساها توضِّح الجرائم الأخرى التِّي تبعتها.
كثر هم من راهنوا على فشل أعمال المحكمة، إن لغايات شخصيَّة أو لغايات سياسيَّة، فاستخدموا جميع الأسلحة التِّي أوتيوا بها من تجريح، وكلامٍ نابٍ، وتعطيل جلسات مجلسي النُّواب والوزراء المتعلِّقة بموضوع المحكمة حتَّى وصل بهم الأمر إلى رفض تمويلها لكي يلغوها! لم يتوانوا يومًا عن خلق الافتراءات والأكاذيب فكانوا هم شهود الزُّور، كيف لا وهم أنفسم كانوا يزحفون إلى دمشق والشَّام لتقبيل يد، لا بل رجل، أسدهم! كم يحلو لي اليوم النَّظر إلى وجوههم المرتعبة وكم يطيب لي أن أستمع إلى دقَّات قلبهم المتوتِّرة! صدق من قال أنَّ الله يُمهِل ولا يُهمِل ولن يصُحَّ إلَّا الصَّحيح!
تستتبع المحكمة الدَّوليَّة اليوم أعمالها وكان سبق لها أن استمعت إلى إفادات كلٍّ من الشَّهيد الحيّ والوزير السَّابق مروان حمادة، والوزير السَّابق باسم السَّبع إضافة إلى رئيس مجلس الوزراء السَّابق والنَّائب الحاليّ في تيَّار المستقبل فؤاد السَّنيورة الذِّي سيكمل الإدلاء بافادته بعد فترة وجيزة. من المتوقَّع أن تنجلي الحقيقة بعد عدَّة سنوات، إذ إنَّ هذا النَّوع من المحاكمات يحتاج إلى الكثير من الوقت نظرًا لدقَّته وصعوبته أيضًا. إنطلاقًا من هنا، يجدر بنا ألَّا نستسلم وألَّا نفقد الأمل بل علينا التَّحليدومًا بالقوَّة، من أجلهم، من أجل دمائهم التِّي جعلت الأرز يشمخ عاليًا. من أجل أرواحهم، التِّي ما زالت تسهر على لبنان من فوق ومن أجل أهلهم... أمَّهاتهم وأطفالهم وزوجاتهم... ومن أجلنا...
إنَّ ثورة الأرز وفيَّةٌ لأبطالها وستنتظر العدالة مهما استغرقت من وقت. "مهما تأخَّر جايي، وما بيضيع يلي جايي، عغفلي بيوصل من قلب الضو من خلف الغيم..." وبصوت فيروز أُنهي لأقول تصبحون على عدالة!
