تشريع الضرورة.. أي ضرورة؟
الموقف NOV 09, 2015
منذ نشأة لبنان الكبير عام 1920 وقف البطريرك الماروني الى جانب المفتي في الاحتفال في قصر الصنوبر، وفي العام ذاته أنشئت اللجنة الادارية ومن ثم تحولت الى مجلس تمثيلي فمجلس نيابي الذي وضع الدستور، مثّل منذ البداية كل الطوائف اللبنانية من دون استثناء، ومن ثم جاء الميثاق الوطني سنة 1943 الذي رسّخ العيش المشترك، وكان الهدف منذ البداية الوصول الى لبنان التعددية.. لبنان "الحلم".

أما اليوم، وبعد مرورنا بأزمات وحروب عدة، نرى أنه هناك من يشن حرباً "خبيثة" من جديد على العيش المشترك بين اللبنانيين والتي لطالما بذلوا الغالي والرخيص من أجلها، فقبول القيام بجلسات تشريع الضرورة من دون مشاركة أكبر ثلاث كتل مسيحية في البرلمان، كل لاعتباراته، يعتبر تهميشاً واستفزازاً حقيقياً للمسيحيين بكل أطيافهم. ان موقف "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" مشرّف بحق، وهو سنبلة يحملها طير من بعد طوفان، فبعد سنة ونصف تقريبا من خلو سدة الرئاسة، وتمديدين لمجلس النواب بذريعة عدم وجود قانون انتخابي جديد، أليست من أبسط الحقوق طلب ادراج قانون انتخاب على جدول أعمال الجلسة التشريعية بغية الوصول الى مجلس يمثل الشعب بما للتمثيل من معنى؟ الا يحق للبناني المغترب استعادة جنسيته وهويته؟ وكيف سيتمسك بأرضه من دون جنسية؟ وكيف سيشارك في صنع القرارات في بلده؟ وكيف سندفعه للحنين لأرضه ودعم بلده عند الشدة؟

موضوع القوانين المالية مهم، ولكنه لا يفوق قانوني الانتخاب واستعادة الجنسية أهمية. هنيئا لنا بالوقوف لأجل قيم مجتمعنا والمبادئ الوطنية وللحفاظ على وجودنا الفعلي في هذا الوطن ومن خلاله على الكيان بكامله، فنحن نعلم ما هي الضرورة، ونعلم الحق والحق يحررنا، فلا بد من مقاطعة جلسات تشريع تسمى "تشريع الضرورة" وهي لا تراعي الا ضرورات شخصية فئوية ولا تراعي حقوق شريحة كبيرة من اللبنانيين.

لا يظنن أحد أنه أكبر منا، أو أنه وطني أكثر منا بضروراته المزيفة، فنحن "أم الصبي"، ولا ينعتنا أحد بالطائفيين معبرا عن انزعاجه من مواقفنا الوطنية، وهو الذي استفاد من زمن الوصاية السورية التي فعلت ما بوسعها لكسر جناح لبنان المسيحي.. نحن أساس الوطن ولا جلسات وطنية من دوننا، فليعتبرنا الاخر شريكا في الوطن وليحترم أولوياتنا كما احترمنا كل ما يمثله منذ البداية، ولـ"أب الميثاقية" نقول: لا تشريع ضرورة، بل لا وطن برمته، من دوننا، والتاريخ شاهد على من حافظ على الكيان وبنى الوطن، وعلى من دمره مرارا ويريد تحويله الى حديقة خلفية لمشاريع خارج الحدود.
الموقف NOV 09, 2015
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد