في كتابه "حزب الله والدولة في لبنان"، يقول حسن فضل الله:" تطرح أمام حزب الله اشكاليات حول طبيعة دوره في لبنان والمنطقة، ورؤيته للمنطقة التي يعيش فيها. وأصبحت هذه الاشكاليات شائكة بعدما تحول الحزب إلى قوة مؤثرة في مسار التحولات الإقليمية، بفعل مشاركته الفاعلة خارج حدود وطنه ودولته." في إشارةٍ واضحة لفضل الله عن تثمينه لمشاركة الحزب في خضم المعارك السورية إلى جانب النظام الأسدي بايعاز إيراني.
واحدة من أهم الجهات التي يهاب من تسليحها العالم، هي تنظيم “حزب الله”. فقد استطاع هذا التنظيم بناء ترسانة عسكرية كبيرة جراء التعاون والتحالف الوثيق مع سوريا وإيران. وإذا كان الهدف سابقًا من هذا السلاح تنفيذ عمليات عسكرية مؤلمة وموجعة للاحتلال الإسرائيلي، فإن تغير المجريات بعد انسحاب الإسرائيلي من لبنان، وتورط هذا الحزب في الصراع السوري وغيره من الصراعات العربية الداخلية غيَّر النظرة إلى هذا السلاح حتى على صعيد الداخل اللبناني.
من الناحية القتالية ومما لا شك فيه أن قدرات الحزب العسكرية قبل دخوله سوريا، كانت تتركز على الترسانة الصاروخية، وهذا ما أكده قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي، اللواء يائير غولان، ان ترسانة حزب الله الصاروخية تجاوزت المئة الف صاروخ. كذلك يؤكد وقائد الفيلق الشمالي، اللواء نوعم تيفون، ان حزب الله بات يحتل المرتبة الثامنة عالميا، من ناحية ترسانته الصاروخية، هذه التقديرات وردت في كلمة القاها في مركز هرتسيليا المتعدد المجالات، في سياق عرضه لتهديدات «المحور الراديكالي»، واستعدادات اسرائيل للمواجهة في الحرب المقبلة.

وفيما يلي عرضاً مختصراً للأسلحة الصاروخية التي يمتلكها حزب الله
• صواريخ "كاتيوشا": معظم الصواريخ التي يمتلكها حزب الله من هذا النوع، الذي يتراوح مداه بين 12 و22 كيلومتراً، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أنه منذ بدء المواجهات ، سقط أكثر من 700 صاروخ كاتيوشا على المناطق الشمالية داخل إسرائيل.
• صواريخ "فجر": وهي صواريخ كاتيوشا مطورة من قبل إيران، ويبلغ مداها ما بين 35 و75 كيلومتراً، وكانت مجلة "جينز" قد أشارت إلى امتلاك حزب الله لصواريخ "فجر 5" التي يبلغ مداها 75 كيلومتراً
• صواريخ "رعد": وهذه صواريخ إيرانية الصنع، وهي تقليد لصواريخ "فروغ" الروسية، ويصل مداها إلى 70 كيلومتراً. وقد أعلن تلفزيون "المنار" التابع لحزب الله، أن الصواريخ التي سقطت على حيفا، هي من نوع "رعد 2" و"رعد 3"
• صواريخ "زلزال": ذكرت مجلة "جينز" أن حزب الله يمتلك، فيما يبدو، 100 صاروخ إيراني، من نوع "زلزال 1"، يبلغ مداها 150 كيلومتراً تقريباً، مما يعني أنه (الحزب) قادر على ضرب العاصمة الإسرائيلية، تل أبيب
ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن إيران زودت حزب الله بصواريخ "زلزال 2"، التي قد يبلغ مداها 200 كيلومتر، إلا أن هذا النوع من الصواريخ لا يصيب أهدافه بدقة، لأنه لا يحتوي على أجهزة تحكم ذاتية تمكنها من تحديد الأهداف، وباستطاعة رأسه حمل مواد متفجرة قد تصل إلى 600 كيلوغرام.
• صواريخ مضادة للطائرات: كشفت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية ونقلاً عن ضابط رفيع في الحرس الثوري الإيراني، أن طهران سلمت حزب الله صواريخ مضادة للطائرات مقلدة عن صواريخ "سام 7" الروسية، ولكنها أقل طولاً ووزناً منها. وهذه الصواريخ يمكن حملها على الكتف وتتميز بأنها ذات توجيه ذاتي.
• صواريخ مضادة للدروع: أشار موقع "جينز" على الإنترنت، أن حزب الله يمتلك صواريخ مضادة للدروع روسية الصنع، كما أنه يمتلك عددا" لا بأس فيه من صواريخ "تاو" الغربية الصنع.

في ما يتعلق بقدرات حزب الله الجوية، فقد زودته إيران في حقبة ٢٠٠٤-٢٠٠٩، بدفعة من الطائرات الخفيفة والصغيرة من دون طيار، تعرف بطائرات الاستطلاع من نوع "مهاجر ٤" وقد أطلق عليه الحزب إسم "المرصاد ١"، إضافةً إلى كاميرات إستطلاع وترصد للهدف ونظام إرسال إلكتروني، إضافةً إلى حمولة تضمنت أجهزة استطلاع ورادارات متطورة جدا.
حزب الله في سوريا
تبين الدراسات ان لدى حزب الله صواريخ أرض بحر بعيدة المدى، وصواريخ دفاع جوي، وطائرات من دون طيار وصواريخ حديثة ضد الدروع والدبابات، متميزاً بتنظيمه الكبير مع تسلسل هرمي منظم وأنظمته وإدارته وسيطرته النوعية. ولكن يلاحظ ان هذا التنظيم مشغول في دعم نظام الأسد في سوريا، وقد ضحى في هذه المعركة بالمئات من رجاله، وهو يراكم هناك تجربة قتالية غير قليلة. وتعتبر هذه الحرب بالنسبة له معركة وجودية، فسوريا هي الساحة الخلفية لحزب الله والجسر الذي يصل من خلاله إلى إيران.
وقد إستطاع حزب الله في المرحلة الأخيرة، مستفيداً من تحالف وتعاون مع إيران وجيش الأسد، بناء ترسانة عسكرية كبيرة وقوية، مكنته من خوض معارك ومواجهات قتالية دقيقة وشرسة في أكثر من محور داخل الأراضي السورية، ما زاد من خبراته ومقدرته على القيام بمثل هذه العمليات النوعية.
وقد قسم الخبراء العسكريون الترسانة هذه المستعملة في سوريا الى ثلاث فئات بحسب مصدر تصنيعها

أ ـ وسائل قتالية من الصناعات الإيرانية: ضمن هذه منظومة الصواريخ بعيدة المدى من طراز “فجر 3″ بمدى 43 كم و”فجر 5″ بمدى 75 كم من إنتاج الصناعات العسكرية الإيرانية. وقد جرى استعمال قسم من هذه الوسائل القتالية من “حزب الله”، طبقاً لاعتباراته، وطبقاً لاحتياجات الحرب. وفي جزء من الحالات، طلب من حزب الله، مصادقة من إيران لتفعيلها.
ب ـ وسائل قتالية من إنتاج الصناعات العسكرية السورية: وقد تضمنت هذه الوسائل، صواريخ 220 ملم سورية يصل مداها إلى 75 كم ومنظومة صواريخ 302 ملم لمدى يزيد على 100 كم. وجزء من مشتريات الوسائل القتالية السورية جرى تمويله، حسب التقديرات ، من إيران. وقد فضل حزب الله في الحرب السورية استعمال السلاح السوري.
ج ـ وسائل قتالية من إنتاج دول أخرى جرى تحويلها إلى “حزب الله” من سوريا وإيران: صواريخ متطورة مضادة للدبابات و صواريخ مضادة للطائرات من إنتاج روسي اضافة الى صواريخ صينية الصنع.
لم تكن الحرب في سوريا عملية سهلة لـحزب الله ولن تكون اذا استمر في قتاله، غير أن الصراع القى الضوء على آداء الحزب وقدراته القتالية. فمنذ البداية طرحت مشاركة حزب الله في الحرب في سوريا أكثر من سؤال عن مدى نجاحه وخسائره والتحديات والتداعيات الناجمة عن هذا التدخل، فضلاً عن دوره في تدعيم نظام بشار الأسد. ويقدر خبراء عدد قواته المشاركة في الحرب في سوريا بنحو 4 آلاف من قوات النخبة والقوات الخاصة، ساعدت على استعادة قوات الأسد لقدراتها الهجومية. كما لعب الحزب دوراً أساسياً في تدريب نحو 50 ألفاً من القوات السورية غير النظامية، وجعلها حاسمة لبقاء النظام.
وتشير بعض التقارير إلى أن أعلى عدد تقديري لقوات الحزب التي تشارك في القتال في سوريا بلغ نحو 10000 مقاتل، لكن من المرجح أن هذا الرقم يعكس العدد الإجمالي الذي يتناوب على الذهاب إلى سوريا، وليس العدد الموجود في وقت واحد. اما الضحايا فلا ارقام دقيقة، لكن مشهد مواكب التشييع في مناطق «حزب الله» والقرى الجنوبية تؤكد أنه مرتفع.

أمام هذه الترسانة العسكرية الهائلة، بالنسبة لتنظيمٍ مسلح خارج عن إطار الدولة ومقوماتها، وبعد المعارك الطاحنة التي خاضها الحزب والخسائر التي تقع في صفوفه بعد كل مواجهة ومعركة، يصبح السؤال عن مصير هذه الترسانة بعد أكثر من 4 اعوام على القتال وجيهاً". ومن الواضح أن المستفيد الكبير من تدخل الحزب في سورية هو الأسد ونظامه، أو ما تبقى منه، مستفيداً من خبرات وطاقات الحزب التي تفوق تلك التي يتمتع بها جيشه..
لكن لأي مدى يستطيع حزب الله الصمود في هذا المستنقع، خصوصاً بعد تزايد عدد القتلى في صفوف الجيش النظامي، والخسائر التي يتكبدها هو شيئاً بعد شيء؟