الحياة تظاهرة عجيبة اجتمع أفرادها على أعتاب الأبدية منتظرين ساعة تحرّر النفس من الجسد، وبالتالي هي صراع بين الخير والشر، كما الحياة والموت، فلأتفه الأسباب تعلن الحروب، ويحمل السلاح من ليس أهلاً له، قاتلاً الأبرياء والأطفال، غير آبهٍ لمصيرأجيالٍ وشعوبٍ، شعوبٌ صمدت على مرّ الزمن بوجه من أراد القضاء عليه وإبادتها، غير دارية بأنّ من جاء مع خالق السموات والأرض يُرى لن تفنيه جماعات ساقطة لا محال في الغد القريب.
في لبنان مثلاً تنشأ الميليشيات على حساب الأرض، الشعب والجيش مستتبّةً بسلاحها على الحريات، متلاعبة بالحقائق وعقول الناس.
نبدأ من حساب "أحرار السنة في بعلبك" على موقع تويتر، ذلك الموقع الذي شغل وسائل الاعلام بتغريداته المشوقة والمليئة بالتهديدات والوعود، على الرغم من الإعلان بأنّ هذا الحساب مزيّف ظلّت وسائل الإعلام الصفراء منها وغيرها تنقل هذه التغريدات، فهنيئاً لشعبنا بهكذا وعود، وهنيئاً لنا بهكذا "إعلام استخبراتي"!
وننتقل للإستحقاق الرئاسي وسائر الإستحقاقات المصيريّة، إنّ الدفاععن المقام المسيحي الأول في لبنان لا يكون أبداً من خلال تعطيل جلسات إنتخاب الرئيس، لبعض الفرقاء مفاهيم خاصة إكتسبوها من ورقة "التفاهم" مثلاً والتي تهدف إلى نشوء كيانات غريبة تقضي على الكيان اللبناني، بالاضافة إلى ذلك فالتمديد للمجلس النيابي الحالي ليس سوى جريمة بحقّ اللبنانيين الذين يسعون لبناء وطن يحافظون من خلاله على كرامتهم وكرامة أولادهم، وذلك لا يتحقّق أبداً إذا ما استمرّ الفراغ الرئاسي أوّلاً ولا التمديد للمجلس النيابي.
هم يطلقون اليوم نيران أقلامهم ومواقفهم على أمور ثانوية لاهين الناس بالصغائر، بدلاً من توجيهها نحو فراغ الموقع المسيحي الأوّل في الشرق، هذا الشرق الذي يخضع لعمليّة تطهير واسعة سببها التطرف الطفيلي الذي يتغذا من التطرف المتجزر في نفوس ومفاهيم البعض.
هم الّذين يحبون الجيش ولا يسلّمونه سلاحهم، هم نفسهم يصرّون على تهديم الدولة التي يجدر بها أن تستهاب لا أن تهاب، أن تردع لا أن تُردع، وأن تفرض سلطتها وسيطرتها بقوّة القانون وبأذرعتها الشرعيّة؛ وإلا فقدت مبرّرات وجودها كدولة ضامنة للأمن والانتظام العام، وطغت شريعة الغاب، وانتفى الاستقرار. لدينا الخطر الداعشي الذي يهدّد لبنان مثلاً وهو ليس سوى فورة تختفي بالسرعة التي ظهرت بها، هي كناية عن مجموعات مخرّبة تتصرف على هواها لأن لا وجود لدولة في أماكن انتشارها، فمن وجوده مستمر منذ 1500 سنة لن يخاف من هكذا جماعات، فما هي داعش وغيرها امام المجموعات المسلّحة والغزوات التي مرّت على لبنان في التاريخ؟! لذلك إحترموا عقول الناس وعودوا إلى كنف الدولة فلبناننا أقوى وأصلب من لبنانكم.