رجل القرارات التاريخية والمواقف الجريئة، عرفت حياته تحّولات عديدة لم تعرفها شحصية سياسية لبنانية لماذ؟؟ لأن قبل بشير كانت السياسة حكرا ً على العائلات الإقطاعية فقط. إنه منهم إبن أكبر العائلات المتنية المارونية في لبنان. والده بيار الجميّل مؤسس حزب الكتائب اللبنانية و خاله موريس الجميّل نائب سابق. إرث ٌ كبير لم يمنعه من نزول السّلم إلى أسفل!! إلى القاعدة إلى الشعب. ثار وهو ليس بحاجة إلى ثورة ليصبح زعيما ً، فهو ولد شيخا ً ولكن؟؟
تسللت إليه السياسة باكرا ً فإضم إلى صفوف حزب الكتائب اللبنانية عام 1962. في بداية السّبعينيات شغل منصب رئيس منطقة الأشرفية من ثم أسس فرقة ال "ب ج" العسكرية بعد إختطافه وسوقه إلى مخيّم تلّ الزّعتر على يد مجموعة ٍ من الفدائيين لحماية الأشرفية بعد تشريع العمل الفدائي بإتفاق القاهرة عام 1969.
وإنفجرت... بعد تقاعص الدولة... مرّتيين
الأحد 13 نيسان 1975، تاريخ قصّة "البوسطة" ولكن؟؟ بإختصار إنه الإنفجار الجامع للتناقضات، بعدما قدمت الدولة أوراق إعتمادها "لمنظمة التحرّير" مرّتيين مرة ًفي القاهرة ومرة ً في حرب المخيّمات.
فوصلت البوسطة إلى عين الرمانة بعد مقتل جوزيف أبو عاصي، وبدأت الحرب اللبنانية. فكانت معارك الفنادق وتل الزّعتر... وبعد حصارٍ دام 52 يوما ًسقط مخيّم تل الزّعتر، أكبر المخيمات الفلسطينية في بيروت حينها.
يومها إتّخذ القرار بتطهير "المناطق الشرقية " من الوجود الفلسطيني واللبناني الموالي له، حفاظا ً على الوجود المسيحي الحّر. فتشكلت "الجبهة اللبنانية" لتكون أعلى سلطة سياسية في المناطق الشرقية وطرحت الفدرالية حلا ً سياسيا ً ومشروع من الواجب تحقيقه. وبعد السطة السياسية، برزت الحاجة إلى قوّة عسكرية موّحدة. فكان تشكيل "القوات اللبنانية الموّدة"، وتمّ الإعلان عنها للمرة الأولى في إجتماع "للجبهة اللبنانية" يوم 27 شباط عام 1976 . وفي العام عينه دخل جيش الإحنلال السوري لبنان، دون إذنٍ من أحد، كما قال الرئيس حافظ الأسد في خطاب ٍ على مدرج جامعة دمشق. وتتالت الحروب...
1978 دخول جيش الإحتلال الإسرئيلي جنوب لبنان.
1979 حرب توحيد البندّقية المسيحيّة.
1980 -1981 حرب زحلة.
بشير رئيسا ً... هكذا وصل إلى سدّة الرئاسة... من قيادة القوّات إلى القيادة اللبنانية
بعد بروزه شخصيّة ًمحبوبة ًفي المجتمع المسيحي، وصاحب السلطة الوحيد في المنطقة الشرقية. كانت حرب زحلة مع السوريين، الباب الوحيد الذي أوصل الشيخ إلى فخامة الرئاسة الأولى بعد إعلانه تحرير عروس البقاع في 2 نيسان 1981 فظهر على الإعلام قائلا ً: "زحلة حرّة". وجاء الإجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982، ليجعل من حلّم البشير حقيقة ً. حقيقة فصل القضية اللبنانية عن القضية الفلسطينية وخرجت منظمة التحرّير الفلسطينية لبنان.
ولكن الرئيس الشهيد وقف على الحياد.
إنتخابه... والتحول الكبير...
في 23 آب 1982، أعلن رئيس مجلس النواب إنتخابه رئيسا ً للجمهورية اللبنانية على كامل تراب ال10452 كلم2. في 23 آب 1982 عمّت الإحتفالات المناطق الشرقية.
وفي اللحظة نفسها أيقن بشير أنه لم يعد قائدا ً للقوات فحسب، حدوده لم تعد المنطقة الشرقية. وسكان المنطقة الغربية اللذين هابوا شخصه وإرتعدوا من إنتخابه رئيسا ً علموا أنه يريد شراكة ً حقيقية في الوطن وتجلى ذلك برفضه توقيع السلام مع إسرائيل.
وفي 14 أيلول 1982، سقط شهيدا ًفي أشرفية البداية حيث إنطلقت حياته السياسية عمليا ً. تحت ركام بيت الكتائب سقط حلّم جمهورية العشرين يوم جسديا ً، "لتحيا فينا أسطورة الحقيقة أن بشير الجميّل حي ٌ ولم يمت وهو باق ٍ في مواقفه إلى الأبد".