ليست ككل الظاهرات التي يعرفها لبنان، قديمة بقدم جذور أرزه. انتشرت "ظاهرة" بسرعة فائقة لدرجةٍ أنها أصبحت مشكلة "عويصة" تحتاج إلى حل ما. إنها الهجرة ومن سواها ينتشل شبابنا وشاباتنا من وطنهم ليعيشوا في الغربة بعيدين عن أهلهم وكل ما يربطهم بوطنهم الأم لبنان.
شهد لبنان هجرة حديثة بدأت منذ القرن التاسع عشر وتكثفت في مطلع القرن العشرين. هذه الأخيرة ليست "بريئة" بل يكمن وراءها أسباباً عديدة منها البطالة وكسب المال بهدف تحسين مستوى معيشتهم وإعالة أهلهم. وبالتالي فإن هذه الظاهرة مرتبطة بالوضع الأمني والإقتصادي والسياسي أيضاً داخل بلد معين، حيث إن لم يتواجد إستقرار على هذه المستويات الثلاث يشعر المواطن بإن حياته مهددة وعلى حافة الهاوية لا يمكنه لا التقدم ولا حتى الرجوع إلى الوراء ما يدفعه للجوء إلى مكان أو بلد يسوده الأمن والإستقرار سواء السياسي والإقتصادي ما يجعله بعيد عن كل ما هو مشاكل وتوتر وخوف... من الواضح حالياً أن المهاجرين يهاجرون إلى بلدان نفطية كدبي وأبو ظبي وقطر والإمارات... أكثر من أي بلدانٍ أخرى. إن الهجرة لا تطال سوى الفئة الشابة في المجتمع كونها الأكثر إندفاعاً وطموحاً لتأسيس كل ما تطمح إليه على كافة الأصعدة والتفكير في الزواج وإنشاء عائلة، فهي ستؤمن له المال ليتمكن من تحقيق على الاقل جزء من الذي يطمح به.
(11).jpg)
الهجرة... سيف ذو حدين
هذه الظاهرة التي يواجهها عدد كبير من عائلات لبنان، تتمتع بآثار عديدة منها إيجابية وأخرى سلبية. إن تبادل الأموال بين المهاجر وأهله أي بين البلد الذي يعيش فيه المغترب ولبنان، يؤدي إلى تحريك عجلة الإقتصاد اللبنانية. وبالتالي هذه الأخيرة تشكل منفذاً للمهاجر للتعرف وإكتشاف بلاد جديدة ما يكسبه ثقافةً وإنفتاحاً على الآخرين... هجرة الأدمغة إلى الخارج وخصوصاً إلى البلدان الغربية كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا وفرنسا... هي إحدى الأثارها السلبية، حيث تكثر في تلك الدول الإمكانيات وخصوصاً دعم الدولة الذي يمكنهم من إنجاز نجاح تلوى الآخر وهذا ما يغيب عن دولتنا. أن الشبان اللبنانين هم الأكثر تعرضاً للهجرة أكثر من الشابات، هذا الأمر سوف يشكل تغييراً ولكن على المستوى الديمغرافي حيث عدد الفتيات داخل المجتمع اللبناني يصبح أكثر من عدد الشبان مما يسبب بتأخر سن الزواج لدى الإثنين...
(10).jpg)
الدولة والحل!
ليس هناك حل معين للهجرة بل الأمر يكمن بيد الدولة، عليها أن تتخذ إجراءات عديدة ليس بهدف إمحائها بل على الأقل لتخفيف منها تدريجيا" ومع الوقت، فعلى الدولة ان تخلق فرص عمل للشباب وتدعمهم ليتمكنوا من العيش في بلدهم برخاء. وبالإضافة يمكن لها أن تتعاون مع شركات أو بلدان أجنيبة للإستثمار داخل لبنان مما يؤدي إلى خلق فرص عمل لللبنانيين والحد من الهجرة خطوة بعد خطوة. ولكن على الدولة أن تقوم بالمبادرة وأن تخطي خطوتها لحل المشاكل التي يعاني منها المجتمع اللبناني ولا أن تقف مكتوفة الأيدي غير قادرة ان تقوم بأي شيء بسبب ضعفها التي تعاني منه منذ القدم وحاليا" ومن المتوقع دائماً.
طبعاً هي واقعة يعاني منها المجتمع اللبناني وكل منزل فيه ينتظر رجوع مهاجره في يوم من الأيام ولكن يقف الأمر على فسحة أمل تعد برجوعهم. ولكن المهاجر في البلد الذي يعيش فيه أينما كان ينشأ ويعيش لبنانه الخاص الذي يشعره وكأنه في لبنان الحقيقي. لبنان المهاجر هو أجمل بكثير من لبنان الواقع, لبنانهم هو لبنان طموح، وئام، سلام، تقدم، تطور، نظام... بإختصار لبنان الدولة!