لا شكَّ أنَّ المشاكل والصُّعوبات في لبنان كثيرة وتطال الأصعدة كافة. ولكن لا بدَّ من الإشارة إلى زاوية يشعُّ منها نور التَّفاؤل: ملفُّ النَّفط والغاز في لبنان، ملفٌّ متداول منذ سنين طويلة، وها هو اليوم يعود إلى الواجهة بسبب إزدهاره وتأكيد وجوده. موضوعٌ شغل إذًا الرَّأي العام بسبب قدرته على إحداث تغيير في لبنان وتحويل وطن الأرز من بلدٍ يعاني الصِّعاب والأزمات الاقتصاديَّة إلى بلد مزدهر. لكن يبقى السُّؤال: كيف سيستفيد لبنان من هذه الثروة؟ هل سيستطيع امتلاكها من دون الخضوع إلى الدُّول الأخرى الَّتي تتهافت عليها؟ كيف ستتعاطى إسرائيل مع هذا الملف، خصوصًا أنَّ هناك حقولًا مشتركة بينها وبين لبنان، وذلك مع اقترابها من بدء تصدير غازها في العام ٢٠١٧؟
بات محسومًا امتلاك لبنان ثروةً نفطيَّة ثمينة جعلته محور اهتمام العديد من الدُّول الأوروبيَّة والعربيَّة، ولكنَّه دخل اليوم في نوع جديد من الصِّراع مع هذه الدول. إذ يقال أنَّ، وبسبب قرب لبنان من الشَّواطىء الأوروبيَّة، يتمتع بلدنا بأفضل الشروط لتصدير الغاز والنَّفط إلى الدُّول المذكورة. غير أنَّ للاهتمام الدَّولي وجهًا آخر أيضًا، متعلِّق بالتشابك في الثروات النَّفطيَّة والغاز بين المياه الإقليميَّة الُّلبنانيَّة ودول أخرى، خصوصًا مع إسرائيل. هذا وتؤدِّي الدُّول الأوروبيَّة دورًا من خلال التَّأثير على الُّلبنانيين لحسم توزيع الثَّروات المشتركة لصالح إسرائيل.
من ناحية أخرى، وبعيدًا عن المطامع الخارجيَّة، لا شكَّ أنَّ الحكومة الُّلبنانيَّة تبذل كلّ ما في وسعها لحلّ ملفّ النَّفط الُّلبناني. فمع صدور المرسومَين وتحديد دفتر الشُّروط حول التَّنقيب وتحديد البلوكات، أصبح المواطن الُّلبناني واثقًا أكثر بدولته، ما يؤكِّد أنَّ العهد الجديد يبشِّر بالخير على الصَّعيدين الاقتصادي والسياسيّ. فالاتِّفاق على النَّفط من داخل لبنان يلغي السِّياسات المعاكسة والطَّوائف المتعدِّدة ويؤكِّد على أنَّ "قوَّتنا بوحدتنا".
على ضوء ما تقدَّم، يبدو أنَّ التَّفاؤل والتّشاؤم متساويان فإمَّا سيصبح لبنان من البلاد النفطيَّة المزدهرة أو سيبقى على حاله. في هذا السِّياق، ينبغي على لبنان أن يعمل جاهدًا لمنع التَّفاوض عليه وإخراجه من أملاكه. فهل سيكون النَّفط الُّلبناني في مهبِّ النَّهب أو الوهب؟