يسألون في لبنان كلما لاحت في الأفق بوادر تجنب مواجهة سياسية أو أمنية «وكيف ستكون الصيفية؟». والسؤال ليس سطحياً بمعنى الاستمتاع بصيفٍ ذي طقس جميل، وإنما يدق في عصب الحاجة الماسة إلى انتشال الاقتصاد من الانهيار عبر استعادة السياحة بعض ما كانت تدره على اللبنانيين من مدخول أساسي، فالسياحة تتطلب الاستقرار وطمأنة الآتين إلى البلاد بأن المفاجآت المفخخة ليست في انتظارهم.
هذا الأمر بات قراراً سياسياً ليس في يد الدولة اللبنانية وإنما هو في أيادي لاعبين محليين وإقليميين ودوليين لأن لبنان ساحة للمعارك «بالنيابة» وفق موازين القوى السياسية والعسكرية والأمنية. والاقتصاد بات سلاحاً في هذه المعارك، بل إن هناك من يعتقد أن الإفقار هو سياسة متعمّدة وليس إفرازاً هامشياً عابراً.
اليوم، يقف لبنان على مفترق آخر يتلقاه جزء من شعبه بتلهف للعيش بطريقة طبيعية ومتعة وازدهار، ويراه جزء آخر امتداداً لمعركة موازين القوى الإقليمية في سوريا. لكنْ، لدى اللبنانيين أجمع سؤال حيوي آخر اعتادوا على طرحه تلقائياً هو «شو بدهم؟» و «هم» تعني للبعض دولاً كبرى على رأسها الولايات المتحدة.

وتعني لآخرين الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تعتبر حلفها مع «حزب الله» أقوى أوراقها الإقليمية وتنظر إلى حرب سورية على أنها مصيرية للدور الإقليمي لطهران. فلبنان يكاد وضعه يشبه أوضاع المرأة في المنطقة العربية التي باتت الضحية الدائمة حتى في زمن التغيير والطموح إلى الحرية والعدالة. فهي تُغتصب وتُرتَهن في معارك «الشرف» والكرامة وتُستخدم في بدعة مدهشة سميت فتوى «جهاد النكاح» وباتت سلعة للفتاوى التي جعلت من جسد المرأة أداة مستباحة. إنما كما المرأة التي ترفض الانصياع لاستباحتها، هكذا لبنان الذي يرفض أن يُقتاد إلى الاستباحة المطلقة. وكلاهما يصارع الهشاشة.
إنّ مردود السياحة الاقتصادي المباشر وغير المباشر كبير على مختلف الصعد ولا سيّما على فئات العمّال في القطاعات السياحيّة المختلفة. وعندما يضرب الموسم السياحي تضرب معيشة آلاف المواطنين بشكل كامل وتقفل المؤسّسات وبعضها نهائيًّا لاسيّما عندما يرزح أصحابها تحت ديون عَجِزَ عن تسديدها موسم موعود.
شهد القطاع السياحي تراجعاً ملحوظاً في ظل التوتر الناجم عن تفاعل الصراع السوري وارتداده على الساحة اللبنانية وراحت بلدان كثيرة بما فيها دول الخليج تحذّر رعاياها من السفر الى لبنان، نظراً لهشاشية الوضع الأمني فيه. لذلك يُعتبر القطاع السياحي في تراجع مستمر منذ نشوب الأزمة السورية وحتى اليوم، علماً انه يعتبر من أهم مقومات الإقتصاد اللبناني.

لا بد من تعميم شبكة التقنيات المرافقة لها لتسهيل حركة الوافدين إلى المرافق الايوائية، من خدمات وأسعار، واستقبال، وتعميم الترويج السياحي الإعلامي، عن طريق تنظيم حملات الإعلانات السياحية العالمية عبر كافة الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة وخاصة عبر تقنية الانترنت من خلال تعميمها لدى وكالات السياحة والسفر، ودعم البرامج والخطط السياحية المرافقة مع احتياجات السائح. ولا بد من وضع خطة تستهدف حماية المعالم الأثرية من جهة، ونشرها عبر العالم من جهة أخرى، مع ضبط الأسعار بما يتوافق مع وضعية السائح، كون غالبيةالسياح هم من الطبقة الوسطى، ولا بد من أخذ هذا المعيار لدى واضعي السياسات الإنمائية السياحية، عبر دعم المرافق الحيوية ذات 3 نجوم أو متوسطة الحجم تناسب مع قدرة الفقراء والطبقة الوسطى الشرائية.