ما لبس أن أنهى النائب جورج عدوان من اتلاء بيان ترشيح الدكتور جعجع إلى رئاسة الجمهورية، حتى انطلقت حملةً جديدة قديمة من الاتهامات بحق الأخير. فبالرغم من مرور ٢٤ عاماً على إنتهاء الحرب الأهلية، كانت ولا تزال هذه المرحلة المشؤومة المادة الوحيدة التي يمكن لمدعي المقاومة والممانعة مهاجمة قائد القوات اللبنانية فيها.
غالباً ما نسمع كوادر النائب سليمان فرنجية وحلفائه يهاجمون جعجع على خلفية حادثة إهدن، في حين جدّ فرنجية نفسه كان قد فر إلى سوريا قبلها ببضع سنوات محكوماً بالإعدام على خلفية تخطيطه وتنفيذه مجزرة كنيسة مزيارة التي كان ضحيتها العشرات. لم تكن مزيارة أول الفيض ولم يكن إغتيال رومانوس بطرس الدويهي (شقيق النائب الحالي اسطفان الدويهي) أمام مستشفى سيدة زغرتا عام ١٩٨٧ أخرها.
يكاد لا ينتهي القواتيون من شرح ما جرى ذاك اليوم، وأن لا دور مباشر لجعجع بقتل طوني فرنجية وزوجته وطفلتهما لكونه أصيب في بداية المعركة، حتى تنهال عليهم تهم إغتيال القوات وجعجع خصوصاً لضباط في الجيش وكوادر حزبية في صراعات داخلية. فمن من هؤلاء تجرأ يوماً على تسمية العقيد سليمان مظلوم والعقيد ميشال زيادة والملازم أول جورج شمعون (اغتالهم حزب الله في سنوات متفاوتة في رياق - البقاع) أو النقيب كاظم درويش (اغتاله الحزب في صور)، أو سهيل طويلة القيادي الشيوعي، أوجورج أبو مراد وكميل بركة القيادياً في الحزب القومي. من دون أن ننسى مسؤولي حركة أمل علي ومحمود دياب، وعباس عواضة. ولعل أبرز إغتيال قام به حزب الله كان المتفجرة التي وضعت في حسينية النبطية فحصدت أبرز مسؤول عسكري في أمل داوود داوود ومساعديه محمود فقيه وحسن سبيتي، والذي كان لاغتيالهم دوراً أساسياً في حسم المعركة بين أمل وحزب الله التي حصدت المئات.
أما الوزير فيصل كرامي نجل الرئيس عمر كرامي (الذي حكم باغتصاب خادمة في فترة ما قبل الحرب الاهلية)، أبرز من هاجم ترشح الدكتور جعجع إلى رئاسة الجمهورية مذكراً بحكم القضاء (كان للقاضي منيف عويدات دور الابرز في الحكم على كل من جعجع وكرامي) بإغتيال عمه رشيد كرامي خصوصاً أن الراحل كان رئيساً للحكومة، متناسياً إعتراف لا بل مجاهرة حليفه الحزب القومي سوري بإغتيال رئيس حكومة الاستقلال رياض الصلح وفخامة الرئيس بشير الجميل.
يتنصل هؤلاء دائماً من هذه الوقائع والحقائق، فهم عملوا مع النظام السوري على مدى ١٥ عاماً على تحميل جعجع والقوات منفردةً أوزار الحرب. فبرغم من تسليم جعجع سلاح القوات، ودخوله السجن طوعاً ١١ عاماً ليخرج بعدها ويعتذر عن أخطاء القوات في هذه الحرب أمام الملأ. رغم كل ذالك، لم يتوقف الإغتيال في لبنان، فعشرات العمليات استهدفت في أغلبيتها الساحقة الطرف المعادي للنظام السوري، في حين أن قلةً من هذه الإغتيالات استهدفت أطرافاً مقربة من النظام ومن حزب الله كشفت بأغلبيتها لعلاقات إسرئيل فيها.
اعترفتم بجرائمكم أو لم تعترفوا، اعتذرتم عنها أو لن تعتذروا، حكمتم عليها أو لم تحاكموا. الحقيقة باتت واضحة، سمير جعجع سيكون الرئيس الذي سيضع حداً للفلتان والفوضى، الرئيس الذي يعيد للدولة هيبةً فقدت على مر سنوات حكمكم، ومن منكم بلا خطيئة فاليرجمه بحجر.